للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالوا في قوله عز وجل: «وَوالِدٍ وَما وَلَدَ» / «١» قالوا: فإنما الإله يقسم بنفسه وولده. فيقولون: محمد قد جاء بالنصرانية وبمذهبنا، ولكن اصحابه لم يفهموا عنه. ويقولون في قوله عز وجل: «إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ» «٢» .

قالوا فهذا الذي نقوله نحن: أنه من جوهر أبيه، ولا نريد بقولنا منه أنه بعضه ولكنه من جنسه ومثله. فيقصدون الى أقوام كإبراهيم والأنبياء صلوات الله عليهم وأمثالهم قد عرفت مذاهبهم ومقاصدهم فينصرفون عنها بالتأويلات ومحتمل الألفاظ. ومذاهبهم قد تحصلت حصلا لا يحتمل التأويل، لأن العلم بأن المسيح كان في توحيده على منهاج ابراهيم وموسى وهارون وداود ومحمد صلى الله عليهم لا يرتاب به من عرف أخبارهم وسيرهم ودعوتهم قبل العلم بنبوّتهم. فاعرف هذا فانه اصل كبير يعرفه من تأمل وأراد التبيّن وقد اعتفل في مثله خلق كثير من العقلاء.

ثم هناك من الكذب على الانبياء فضلا من التأول لما في كتبهم، كقولهم ان الانبياء قالوا قبل مجيء المسيح: ان الله سيجيء وتحبل به امرأة عذراء، ويؤخذ ويصلب ويقتل ويموت ويدفن. هذا مما هو اكثر من ان يحصى.

ويقال للنصارى لا فرق بين من ادّعى على المسيح انه ادّعى الربوبية وأن الله ولده وأنه ابنه على ما تعتقدون وتدّعون، وبين من ادّعى انه هو وضع تسبيحة الايمان وتسبيحة القربان، وأنه اتخذ البيعة، وجعل عيده يوم الاحد، وأخذ الناس في زمانه بأن يقولوا: يسوع المسيح إله حق من إله حق من جوهر ابيه، وأنه كان يأخذهم بأن يقسموا بعبد يسوع وعبد المسيح، وأنه


(١) البلد ٣
(٢) النساء ١٧١