للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وايضا، فلو كنا انما نعترف بذلك خوف الفضيحة في بطلان ديننا فقد كان ينبغي ان نكون بذلك عالمين وان لم نعترف، كما يعلم اللص انه سرق وان لم يعترف خوف الفضيحة/.

وايضا فان كان الناس قد علموا أنّا قد علمنا فجحدنا وكابرنا فقد تعجلنا الفضيحة وعلم الناس جميعا ببهتنا ومكابرتنا فما سلمنا من الفضيحة المعجّلة، وهذا لا يذهب فساده على عاقل نظر وتدبر.

فان قالوا: فأنتم بذلك عالمون وان لم تعترفوا، قيل لهم: إنا إذا رجعنا الى انفسنا علمنا كذبكم على ضمائرنا، وكفى بذلك علما لنا بكذبكم علينا وبهتكم لنا، فانا لا نعلم ذلك بل لا نعتقده، فضلا ان نعلمه. بل نعتقد ونعلم بطلان ذلك، كما نعلم ان للعالم صانعا وانه واحد وان محمدا صلّى الله عليه وسلم رسوله الى خلقه.

وايضا، فان الجماعات الكبيرة لا تجوز ان تكتم ما قد رأته وسمعته وان ضرها ذلك وان ساءها، كما لم تجوز ان تفتعل ما لم يكن فتقول: قد كان ورأينا وسمعنا وان كان ما رأت ولا سمعت وان سرها ذلك ونفعها، وهذا في الكتمان اقوى واظهر وابين، لأن الكتمان اثقل، والصبر عليه اشد، والحفظ له اصعب، والناس الى القول اسرع، وهم عليه اخف، ولهم فيه فرح واسترواح، وعلتهم في الكتمان كالكرب والألم، فيستروحون باذاعته وينفرجون بالقائه، حتى انهم ليتحدثون بما فيه زوال نعمهم وسفك دمائهم، وحتى لقد ادعينا «١» ان ينكتم ما بين السلطان ووزيره وامثال ذلك ممن يجوز عليهم الكتمان، فان الكتمان قد يجوز على الواحد والاثنين والنفر


(١) كلمة مطموسة بالمداد، والقراءة اجتهادية