اليسير. وكذا الافتعال وان كان الافتعال امكن من الكتمان. ولهذا/ يتواصى العقلاء بالصمت والكتمان ما لا يتواصون بالقول، ويحذرون منه ما لا يحذرون من القول، حتى ان الصمت والكتمان لا يجوز إلا في عقلاء الرجال وفي افراد الناس، وهو فيهم أقل من القليل.
فاعرف هذا فان هؤلاء الملحدة كأبي عيسى الوراق، والحداد، وابن الراوندي، لما لم يجدوا في رسوله الله مطعنا ادعوا انه قد كانت له فضائح واكاذيب وحيل وقف عليها اصحابه واهله وكتموا ذلك لحبهم له ولئلا يفتضحوا باتباع كذاب. وانما يجوز ان ينكتم ما يكون بين اثنين من النفر اليسير مدة ما ثم يظهر، فأما ما يكون بين الجماعة فانه لا ينكتم، ولا يطمع العاقل في كتمانه ولا يحدث نفسه به وان ضره وان ساءه. ألا ترى ان النبي صلّى الله عليه وسلم، جاء باكفار اليهود والنصارى والمجوس، وبالبراءة منهم، وسفك دمائهم، وسبي ذريتهم، واستباحة اموالهم، ويأخذ الجزية من اهل عهدهم، الى غير ذلك مما شرعه من مكارههم، وكل ذلك قد ضرهم وساءهم وذهب برئاستهم واسقط من اقدارهم، وقد ودوا أن ذلك لم يكن قط، وان الله قد رفعه من قلوبهم ومن قلوب الخلق اجمعين، وهذا علموه حين نطق به النبي صلّى الله عليه وسلم وقاله وشرعه وهو وحيد ضعيف فقير، وهم قد نقلوا ذلك وأذاعوه ونشروه وتحدثوا به مع ما عليهم فيه، والدولة والعزّ والغلبة إذ ذاك لهم لا له.
وهذا حال امير المؤمنين مع معاوية وبني امية فإنهم قد كرهوا عقد أهل