المدينة له بعد عثمان، وكرهوا ما دعا إليه من تضليلهم، وما/ فرضه من مجاهدتهم وقتالهم وما بيّنه من نقضهم وتسفيههم، وودّوا ان ذلك لم يكن، وما طمعوا في كتمان شيء من ذلك ولا فيما كان له من الفضائل، وانه صلى الله عليه من البدريين والسابقيين، ومن الفقهاء والزهاد والاولياء، ومن العشرة ومن اهل الشجرة ومن اهل الشورى، وقد ساءهم كل هذا فما أمكنهم مع الملك والدولة ان يدفعوه عن شيء منه مع محبتهم لدفعه عنهم ومع كراهتهم لكونه، ولا ان يدخلوا معاوية وهو سيدهم ورئيسهم في المهاجرين ولا في الانصار، وقد ودوا ان ذلك قد كان، ولا امكنهم ان يخرجوه من ان يكون من الطلقاء وأبناء الطلقاء.
وانظر الى الشعراء الذين هجوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم من قريش ومن غيرهم، ومن الكتب التي وضعها الملحدة وطبقات الزنادقة، كالحدّاد، وأبي عيسى الوراق، وابن الراوندي، والحصري، وآمالهم في الطعن في الربوبية وشتم الانبياء صلوات الله عليهم وتكذيبهم، فإنهم وضعوها في ايام بني العباس وفي وسط الاسلام وسلطانه والمسلمون اكثر مما كانوا إذ ذاك وأشد ما كانوا ولهم القهر والغلبة والعز، والذين وضعوا هذه الكتب أذلّ ما كانوا، وانما كان الواحد بعد الواحد من هؤلاء يضع كتابه خفيا وهو خائف يترقب، ويخفي ذلك عن اهله وولده، ولا يطلع عليه الا الواحد بعد الواحد ممن هو في مثل حاله في الخوف والذل والقهر، ثم ينتشر ذلك في ادنى مدة ويظهر حتى يباع في اسواق المسلمين، ويعرفه خاصتهم وعامتهم، ويتحدثون به ويتقولونه ويذكرونه وقد غمّهم ذلك وساءهم، وودوا ان ذلك لم يكن.
وكذا ما كان/ بالبحرين من ابي سعيد الحسن بن بهرام الجنابي «١» وولده،
(١) كبير القرامطة ومعلن مذهبهم، كان دقاقا من اهل جنابة بفارس ثم انتقل الى البحرين-