للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبلي قد اخذ هذا عن جماعات، فتكثر اهل هذه الدعاوى بعد ذلك ويغترون بكثرتهم.

وربما كان اصل المقالة تأويل آية من كتاب او من قول من يقتدى به فيعتقد التالي له انه نص فيقول: قد نص موسى او عيسى او محمد صلى الله عليهم على كذا في آية كذا في يوم كذا ويذكر ذلك القول. وذاك القائل ما اراد بقوله ما أراده هذا المتأول ولا قصد قصده. مثل ما اولت القرامطة في قوله تبارك وتعالى «وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً «١» » قالوا: فقد أخبر أن من دخل مكة يأمن من القتل والخوف ونحن نرى الناس فيه يخافون ويقتلون، فقد ظهر كذبه، فإنا قد قتلنا المسلمين فيه، ولكن اتباع محمد صلّى الله عليه وسلم حمير لا يعقلون «٢» . والله تبارك وتعالى ما اراد ما ظنوا، ولا هذا خبر وإن كان لفظه لفظ الخبر، وإنما هو امر بأن من دخله فينبغي ان يؤمن ولا يخاف ولا يحل لأحد ان يخيفه. وهذا مثل قوله «وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ «٣» » وما اشبهه، فإن ظاهر هذا الخبر ومعناه الامر، أي يجب على المطلقة ان تتربص، وعلى الوالدة ان ترضع. ولكن الباطنية يقصدون البوادي والعجم ومن لم يشتغل بالعلم فيخدعونه بأنواع الخدائع، ويحلفونهم على كتمان ما يسمعون، فيغترون بهم. وهم افسدوا من بالبحرين، وكان ابتداء امرهم معهم التشيع، ثم رقوهم درجات الى ان جاؤوهم وجاهروهم/ بتكذيب الانبياء، فصار بتلك النواحي عداوة الاسلام مناكدة الى هذه الغاية.

ولإفراط جهل هؤلاء ما تم عليهم، وإلا ففي نصّ القرآن جواز القتل


(١) آل عمران ٩٧
(٢) ان القاضي كعادته يستعرض أقوال الخصوم وافتراآتهم مهما كان فيها من إيذاء للمسلمين ليردّ عليها بعد ذلك.
(٣) البقرة ٢٢٨