للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في المسجد الحرام. أما تسمع قوله عزّ وجل «وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ» «١» فأي شأن أبين من هذا.

ومثله قوله عز وجل: «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ» «٢» وقد قتل قوم ممن آمن بالنبي صلّى الله عليه وسلم قبل الهجرة وقتل فيه منهم قبل الفتح، وقد قتل هو صلّى الله عليه وسلم يوم الفتح فيه قوما، والأمر في ذلك ظاهر، ولا يذهب مثل هذا إلا على الغاية في الغافلة. فإن كان الامر على ما ظنه هؤلاء الجهال، فكيف لم تقل قريش والعرب واليهود والنصارى وأعداء رسول الله الذين كانوا معه وهم في طلب عثرة تكون له مثل ما قاله هؤلاء الجهال وأنكروا عليه ذلك.

ومما قاله هؤلاء الزنادقة ايضا: أن محمدا قد رجع عما كان يدّعيه من اليقين في امره وأظهر الشك بقوله في كتابه: «وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ» «٣» وقال: «فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ» «٤» .

فقيل لهم: إن كان أفاد بهذا الذي ظننتم، فلم لا كان أعداؤه من قريش والأعراب واليهود والنصارى انكروا ما انكرتم؟.

وكذا نقول لمن قال: إن اصحاب محمد صلى الله عليهم وسلم ارتد وابعده، فقيل له: من أين لك هذا؟ قال من نصّ القرآن لأنه قال: «أَفَإِنْ ماتَ


(١) البقرة ١٩١
(٢) البقرة ٢١٧
(٣) الاحقاف ٩
(٤) يونس ٩٤