للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ» «١» ، فيقال له: انت اسوأ حالا في هذا من اولئك، لأن هذا ليس بخبر ولا ظاهره الخبر، وانما ظاهره الاستفهام، والله لا يستفهم لأنه بكل شيء عليم، وانما المراد به التثبيت والتنبيه كما قال:

«وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ» «٢» اي لا يخالدون ولا ينبغي/ لهم الخلود، وكذلك اولئك لا يرتدون ولا ينبغي لهم ان يرتدوا. ولما قال بعض المبتدعة بالتشبيه، وتأولوا النصوص قلنا لهم هذا.

وقد كثرت البدع والكذب على الانبياء بما لم يقولوه ولا أرادوه، ويدعون المبتدعة أن لهم سلفا امثالهم حتى يتصلوا بالانبياء فتغرهم كثرتهم وتغرهم زعماؤهم.

على ان النصارى لو رجعت الى أخبارها والى ما في أناجيلها الأربعة لعلمت أن المقتول المصلوب غير المسح، اذا كانت هذه الأناجيل معولهم.

لأنهم لما انتهوا الى ذكر المقتول المصلوب والصلبوت قالوا: إن اليهود «٣» قصدوا في خميس الفسح الى هيريدس صاحب فيلاطس ملك الروم، وقالوا:

هاهنا رجل منا قد أفسد أحداثنا وغرّهم ولنا عليك في الشرط ان تمكننا ممن هذه سبيله لننفذ حكمنا فيه؛ فقال لأعوانه: اذهبوا مع هؤلاء فهاتوا خصمهم، فخرج الاعوان مع اليهود فصاروا بباب هذا السلطان، فأقبل اليهود على الأعوان فقالوا لهم: هل تعرفون خصمنا فقالوا: لا، فقال اليهود


(١) آل عمران ١٤٤
(٢) الانبياء ٣٤
(٣) جاء في الحاشية: «في كيفية صلب اليهود رجلا على انه المسيح»