لاحتج بها وبيّنها قبلوا ذلك منه أو لم يقبلوا. وفي هذا أتم بيان وأوضح حجة.
وأعلم، أن هؤلاء يحتجون مذ زمن ابن الراوندي: ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم وسلم نص عليه نصا مكشوفا لا يحتمل التأويل، فقال: عليّ بن ابي طالب الخليفة عليكم من بعدي، وقال لهم:«سلموا عليه بإمرة المؤمنين «١» » ، وأن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قام فيه في مقام بعد مقام، وفي عام بعد عام، نحو مائة مقام مذ بعثه الله بمكة والمدينة، والسفر والحضر، الى ان توفاه الله؛ فينبغي ان لا تكلمهم إلا في هذا النص المكشوف المعروف، وتقول لهم، المصير الى الأمر المكشوف والحجة الواضحة اولى بنا وبكم من المصير الى المشكل الملتبس الذي يحتمل التأويل، فإن الكلام عليهم حينئذ يكون اوضح وأقصر؛ فيجري هذا مثل نصه عليه السلام على النبوة.
وهم يفرّون شديدا من هذا النص المكشوف مع من يعلم ويحصل، فإن ابتليت منهم بمن يقول: لا أتكلم في النص المكشوف بهذا، فقل له: إن كنت لا تتكلم فيه فسلم لنا بطلانه وكذب من ادعاه وادّعى نقله. فان قال: لا أسلم، قيل له: ليس يخلو من ان يكون حقا وصدقا فينبغي أن تصير بنا اليه، أو كذبا وباطلا فينبغي ان تتبرأ منه وتخطىء من احتج به.
فإن قال: كذلك أفعل، قيل له: فهذا شيء قد ادّعته أمم عظيمة،
(١) ان اكثر الاحاديث التي رويت في خلافة علي ضعيفة او موضوعة، وعلى فرض صحتها فانها تشير الى الخلافة على اهله صلى الله عليه وسلم، منها: «ان اخي ووزيري وخليفتي من اهلي وخير من اترك بعدي يقضي ديني وينجز موعدي علي» . انظر تنزيه الشريعة عن الاخبار الشنيعة لعلي بن القرن الكتاني، الجزء الاول، ففيه الكثير من هذه الاخبار.