طاعته، وابتلى بمن خالفه، / وبمن قعد عنه، وبمن ضلله، وبمن ارتد عنه من اصحابه؛ فما احتج على مخالفيه إلا بالاختيار، وان طاعته قد وجبت لأنه قد بايعه الذين بايعوا ابا بكر، وعمر، وعثمان. وقد احتج لنفسه، واحتج عنه ولده وشيعته وأهل بيته، وكاتب معاوية وراسله. ثم صار الى الشام، واحتج على اهل الشام واهل البصرة واهل النهر هو وأصحابه؛ فما احتجوا في مكاتبة ولا في مراسلة ولا في مشافهة، إلا بأنه قد بايعه الذين بايعوا ابا بكر وعمر وعثمان وانه لا تحل مخالفته كما لم يحل مخالفتهم، ولا يذكرون في احتجاجهم كما يذكر هؤلاء من الآيات ولا من الاخبار، ولا قوله «من كنت مولاه» ، ولا «انت مني بمنزلة هرون من موسى» ، مما يحتجون به. فلو كانوا هؤلاء شيعته رضي الله عنه لسلكوا سبيله واقتفوا اثره؛ فقد بلي من هذا الأمر، ومن خلاف الناس عليه، ومن رجوع اصحابه عنه، ومن اكفارهم له، ما لم يبتل به ابو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا احد من اهل الشورى والبدريين. وقد بالغ في اقامة الحجة عليهم وكلهم من اهل القبلة واهل الصلاة والى القرآن يرجعون، وبأحاديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم يحتجون، والحجة من قبله يطلبون؛ فما قال قط ولا ولده ولا من يحتج عنه من اهل بيته: ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد قال فيّ: «من كنت مولاه فعليّ مولاه» ولا «انت مني بمنزلة هارون من موسى» ، وهذا نص منه على استخلافي، وهذا شيء تأويله النص، وباطنه الاستخلاف.
ولا قال هو ولا احد من اصحابه ومن يحتج له: لم تكفرونني وتضللوني والنبي قد استخلفني ونص عليّ وشهد بعصمتي، وأني لا أخطىء ولا أزل ولا أضلّ ولا يقع مني معصية لله. وهو رضي الله عنه أعلم بدين الله وبالحجة، وأفقه وأبصر وأشجع، فلو كان لذلك أدنى إشارة/ من رسول الله صلّى الله عليه وسلم