للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله صلّى الله عليه وسلم لما دعا ونصّ: أني رسول الله الى الناس كافة، وأنه حجة الله على كل ما يأتي الى يوم القيامة، وانه لا شيء معه ولا بعده، وجميع ما دعا اليه وحرمه من المحرمات، علم ذلك من قصده وما عناه وأراده كل عاقل سمع اخباره من العرب والروم والفرس والهند والقبط والأرمن، ممن يحسن العربية وممن لا يحسنها ولا يدور لسانه بها، ولا يحسن [التلفظ] «١» بقول رسول الله، ولا يحسن يتلفظ بشيء من المحرمات؛ كلّ قد عرف ذلك من قصده بإشارة الخرس الذين بلغتهم الدعوة من المؤمنين والكافرين. فيعلم بطلان هذه الدعاوى.

بل لو تكلم صلّى الله عليه وسلم بما لا يعرفونه في اللغة، وقصد به معنى من المعاني، ونقلهم عما يعرفون في لغتهم لعرفوا قصده ومراده. ألا ترى ان الوضوء في اللغة انما هو التنظيف، فجعله اسما لغسل هذه الأعضاء الاربعة فعرفوا قصده، وان لم يكن قبل ذلك في اللغة. والصلاة في اللغة: الاتباع والدعاء، لا يعرفون إلا هذا، فجعل صلّى الله عليه وسلم هذا اسما للتوجه الى القبلة بعد الوضوء مع الركوع والسجود، فعرفوا قصده وإن لم يكن ذلك في لغتهم.

وكذا الزكاة، انما هي في اللغة اسم للزيادة والنماء في المال، فجعله اسما»

لما يؤخذ من اموالهم، فعرفوا قصده، وعرف من بعدهم ممن بلغه خبرهم مثل ما عرفوا، فيعلم ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما عنى بالأخبار التي يروونها عنه ما ظنوه وعنوه.

وقد دعا امير المؤمنين علي بن ابي طالب الى نفسه، وفرض على الناس


(١) اضافة على الاصل
(٢) في الاصل: اسم