وقال: انا اوجه هذا المال/ في الوجوه التي كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يجعلها فيها، ورد ابو بكر هذه الاموال الى علي بن ابي طالب وقال له: افعل فيها ما كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يفعله. وكذا فعل امير المؤمنين رضي الله عنه حين صارت اليه الخلافة بعد عثمان، وهو فعل الخلفاء الاربعة وجميع الصحابة والتابعين بعدهم، فاعرف ذلك.
وعارضوه حين شاروهم في استخلاف عمر، فقال له قوم: هو الخيرة بعدك غير أن فيه شدة وهو مهيب، وفي الناس الأرملة والضعيف وذو الحاجة، فاستعمل علينا من هو ألين منه كنفا؛ وكانت لهم معه في ذلك مطالبات ومراجعات وعمر يسمعها ويعلمها، الى أن قال لهم ابو بكر: انما أستعمله عليكم لأنه أقواكم عليكم وأنفعكم لكم وأردّكم عليكم، شهيدي الله: ما أردت إلا ذلك، وقد خاب من تزوّد من أعمالكم بظلم، إن عمر ليس ولدي ولا من اهلي، وانما أردت الخير لكم؛ وإني قد رمقته فكنت اذا لنت في الشيء أراني فيه الشدة، واذا أشددت أراني فيه اللين، ولو قد وليكم للان واشتد.
ثم قال: ان عمر لا يأنف من التعلم، فحين أقام الحجة سلموا ورضوا. ثم عهد تلك العهود المعروفة، وكم من شيء قد عارضوه فطالبوه بالحجة مما هو اكثر من هذا.
ومعارضتهم لعمر في امر السواد «١» ، وفي فتوح الشام، وفي تأمير الامراء، وفي الفتوى والقضاء؛ حتى كان يعارضه في ذلك المرأة والبدوي فضلا عن المهاجرين مما هو معروف الى ان يقيم الحجة او يرجع الى قول من معه الحجة.
(١) يقصد هنا اختلاف من آراء المسلمين في امر سواد العراق لما فتح الله على المسلمين العراق وفارس، فقد كان من رأي البعض توزيعه على المسلمين، بينما رأى عمر رضي الله عنه ابقاء الأرض في ايدي اصحابها ليستفيد من خراجها المسلمون جميعا وقد وافقه المسلمون على رأيه.