أصحابه وبهم صال على عدوه واستطال، وأقام على مخالفتهم وإن فرقوا عنه اصحابه وإن قتلوه «١» ، فما قاربهم في كلمة، لأنهم قالوا له: إن تبت من الحكومة رجعنا لك كما كنا وقاتلنا عدوك، وإن أبيت اقمنا على حربك وقاتلناك حتى نقتلك او تقتلنا، فقال لهم: انتم دعوتموني الى الحكومة، قالوا: صدقت فقد تبنا وما كان لنا ان ندعوك وما كان لك ان تجيبنا ولا تحكم الرجال في دين الله، فقال: بل كان لي ان احكم، فلو كان ذلك معصية لما أجبتكم اليه، ومن زعم ان الحكومة ضلال فهو أضل، ومن زعم اني ارجع عنها فقد كذب. فصبر رضي الله عنه على ذلك ولم يقاربهم في لفظة تحتمل التأويل، لأنه لو قال انا تائب الى الله من كل ذنب وخطيئة وهو يعني غير الحكومة، لكان اللفظ يحتمل، ويتلافاهم ويردّهم ويكون بهم في عسكر عظيم/ كما كان قبل رجوعهم عنه، ويصول بهم على عدوه. فلم يفعل، وأقام على حربهم، الى ان قتلهم وقتلوه رضي الله عنه؛ فما لان في كلمة تحتمل التأويل، ليبيّن للأولين والآخرين امر الدين، فما داراهم ولا قاربهم مع حاجته اليهم وخوفه من أسيافهم؛ فهو ما كان يخاف الجبابرة والأحياء الذين هم في عساكر ويخافهم الناس فكيف يخاف من ابي بكر وعمر وعثمان في حياتهم وبعد مماتهم، وهم في حياتهم وسلطانهم ما خافهم محق قط وإن كان عبدا او امرأة ارملة ذمية. وانما يقول هذا من لا يعرف عليا ولا ابا بكر ولا عمر ولا عثمان؛ فعليك بالمعرفة فانها حياة، والذهاب عن طلبها موت، وقد علم اهل المعرفة والعناية ان عليا كان في زمن ابي بكر وعمر وعثمان في علو الكلمة ونفاذ الامر مثله في سلطانه، وأنه كان في سلطان هؤلاء أنفذ امرا وأعلا قولا وأبسط لسانا منه في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلم وفي حياته.