ولا فرق بين من ادّعى ان عليا كان يخاف من هؤلاء الخلفاء او ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يخافهم ايضا، وأنه من خوفهم كان يشهد لهم بالجنة ويزكيهم.
وهذا لازم لهم، بل هو قول الرافضة لأنهم قالوا: ان عليّ بن ابي طالب حجة الله على خلقه كما كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأنه معصوم كعصمة الانبياء.
وقالوا مع هذا: قد زكى ابا بكر وعمر وعثمان، وصاهر بعضهم، وصلى خلفهم، وحج معهم، ودخل الشورى وعمل بالاختيار، وصلى خلف صهيب كما وصّى عمر، وأطاع عمر كما وصّى ابو بكر، وعمل لهم اعمالا كثيرة، وأظهر تزكيتهم، ومدحهم بايمانهم وإن كانوا كفارا، كل هذا خوفا منهم وممن بعدهم من شيعتهم فما تبين/ الحق الى ان خرج من الدنيا.
قلنا: فاذا كان هذا هو الحجة والمعصوم والقائم مقام الرسول فعل هذا بغير حق، لم نأمن أن يكون كل من صاهر النبي ومدحه ونص عليه وشهد له بالجنة وأمر الناس بطاعته ان لا يكون هذا حاله، وأنه فعل مثل فعل هذا الحجة، وهذا ما لا حيلة لهم فيه، وفيه فساد الديانات كلها، وإلى هذا قصد هشام ابن الحكم حين وضع هذه البدعة فاعرف ذلك «١» .
(١) وردت بهامش اللوحة ١١١ التعليق التالي: رحمك الله يا سيدنا اقضى قضاة الحكم القاضي عبد الجبار، أحسنت في حججك على الفاسقين الملاعين الكلاب المارقين الكاذبين الخاطئين المنحرفين عن الحق الخبثاء الروافض، كبتهم الله تعالى وأبعدهم، حيث يفسقون اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم اجمعين، قلت: ما رأيت كلام رد على الملاعين الروافض أحسن وأدق وأثبت وأقوى وأنجح من هذه الحجج التي ذكرها القاضي عبد الجبار المعتزلي في كتابه هذا، فلا بد للمعتني بردهم ان ينظر في هذا الكتاب المبارك، وهذا قليل الوجود وغير معلوم لأكثر الناس، ولو علموا اسمه لا يعلمون ما فيه من الفوائد الكثيرة، فاحتفظ وكرر نظره. ولكن مؤلفه مشهور بالاعتزال فان تاب منه فمحله الفردوس الأعلى في مقام المقدمين ان شاء الله حيث نفع المسلمين بهذه الحجج والله اعلم.