للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنت تجدهم وقد شهدت افعالهم بأنهم بعد موته اشد حبا له، وأشد بصيرة في دينه.

ثم إن ابا بكر عاد من السقيفة وقام خطيبا، وأخبر المهاجرين بما كان وقال: والله ما اردت الامارة، ولا نويتها، ولا تمنينها في يوم ولا ليلة، ولا رغبت فيها، ولقد حرصت أن اجعلها في عمر فما تركت، وإنما قبلتها خشية الفتنة، ولأنه لم يكن عليّ امير، وقد رجعت اموركم اليكم فاقيلوني وولوا من شئتم. فقال له عليّ: والله لا يقيلونك ولا يستقيلونك، رضيك رسول الله لديننا فرضيناك لدنيانا، قدّمك رسول الله فمن ذا يؤخرك، فصوّب الصحابة جميعهم قوله واستحسنوه «١» .

وانظر اعترافهم ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد اعطى أبا بكر اكثر مما اعطوه، وعجب علي رضي الله عنه من طمع الانصار في الامارة وقال: أما سمعوا قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اوصيكم بالانصار خيرا، اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم «٢» » ، فلو كانوا هم الامراء لكانت الوصية لهم لا فيهم، ولكن نتجاوز لهم كما وصّى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، والله يرحم الانصار.

فان قال: انهم لم يعارضوا أبا بكر/ خوفا وتقية، فقد بيّنا غير مرة ان سلطان هؤلاء الخلفاء الاربعة لم يكن سلطانا يتقيه محق.

وقيل: إن ابا سفيان لقي علي بن ابي طالب بعد البيعة لأبي بكر فقال له: يا ابا الحسن، ما بال هذا الأمر في اقل حيّ من قريش، إنما هي بنو عبد مناف، إن شئت ملأتها على ابي بكر خيلا ورجلا، فقال له علي: ما


(١) كتب في الحاشية: صوابه ان مقامه بعد قتل مسيلمة
(٢) انظر الحديث في مناقب الانصار.