للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد بسطت يميني وشمالي. ثم عزم على استخلاف خليفة يكون بعده، وأخذ يشاور في ذلك؛ فقال لرهط من المسلمين: إن وليت عليكم رجلا منكم أترضون؟ فقال عليّ بن ابي طالب: لا إلا ان يكون عمر، فأمسك؛ ثم خلا بعبد الرحمن بن عوف وشاوره في عمر وأخذ رأيه فيه ثم قال له: اكتم يا ابا محمد ما كان بيننا الى ان اقوله لك، ثم شاور عثمان بن عفان، ثم شاور اسيد بن حضير في رهط من الأنصار في ذلك، فقال له اسيد: / ما اعلمه إلا الخيرة بعدك لولا ما فيه من شدة فقال له ابو بكر: يا ابا يحيى اني قد رمقته، فكنت اذا شددت في الشيء اراني فيه اللين، وإذا لنت في الشيء اراني فيه الشدة، ولو قد وليكم للان واشتد.

ثم اظهر ابو بكر الامر للناس وذكر لهم رأيه في عمر، فقال طلحة وغيره: ان عمر رجل مهيب، له هيبه وليس بخليفة، فكيف اذا صار خليفة؟ فاعدل بنا عنه الى رجل هو اخفض جناحا وألين جانبا فكان جواب ابي بكر ما قد تقدم؛ فكيف يظن عاقل تدبر الامور ان هناك رجلا قد اقامه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وفرغ لهم منه، وكلهم ومعهم ذلك الرجل الذي يدّعي هؤلاء، يطلبون رجلا يصلح في دين رسول الله وعند رسول الله للقيام بأمر امته؟ وهل هذا إلا كقائل قال في جماعة كثيرة قيام في الشمس وهم يطلبون الشمس ويسألون عن الشمس، وتأمل الحال، وكيف ينطق كل واحد بما عنده وبما يراه، غير راهب ولا خائف من الأنصار ومن المهاجرين ومن ابي سفيان ومن بني هاشم ومن خالد بن سعيد لتعلم سلطان هؤلاء الخلفاء كيف كان.

فكان المسلمون يفرغون الى ابي بكر في كل صغير وكبير، فيقول لهم:

أتظنون انكم تجدون عندي ما كنتم تجدونه عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم، لا تجدون