ذلك، إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يأتيه الوحي، وإنما انا مثلكم، فان احسنت فأعينوني وإن زغت فقوموني؛ ويسأل عن مسألة فيقول: اقول فيها برأي، فإن يك صوابا فمن الله، وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان، فيستحسن المسلمون هذا منه ويحمدونه عليه، ولا يقول قائل كيف يزيغ إمام المسلمين وكيف يخطىء، وعند الإمامية ان إمام المسلمين لا يخطىء ولا يزل.
وقد قال عمر ايضا مثل قول ابي بكر مرات كثيرة، وقال عثمان مثل ذلك.
وما بلي به علي/ وما قاله في هذا الباب فأكثر مما ابتلي به أبو بكر وعمر وعثمان، فإنه ابتلي من اهل زمانه ومن اصحابه طول خلافته بالإضلال والإكفار فما احتج هو لنفسه بالنص ولا بالعصمة، ولا احتج له من في زمانه ممن كان يخاصم عنه من ولده وأهل بيته وشيعته بشيء من ذلك، وكانوا وكان هو ايضا لا يأبون ان يجوز عليه ما يجوز على اهل الشووى وعلى الخلفاء قبله.
وكان ما يتدين به من الاختيار اكثر وأشهر مما كان من الخلفاء قبله، ولهذا قالت العلماء: إن العلم بأن رسول الله ما نص على علي ولا استخلفه اقوى من العلم بأنه ما نصّ على بلال، أو عمار، وأبي ذر، او ابن مسعود، فانه رضي الله عنه قد بقي بعد الخلفاء خليفة وإماما معه مائة الف سيف تطيعه، وقد نازعه خلق كثير في الإمامة وناظروه، وادّعوا عليه الخطأ والضلال والإكفار، فما ادّعى النص ولا العصمة ولا احتج في مشافهة ولا مراسلة ولا مكاتبة بشيء من ذلك، بل كان يحتج بأن طاعتي وجبت لأنه بايعني الذين بايعوا ابا بكر وعمر وعثمان، فوجبت طاعتي كما وجبت طاعتهم.
ومن نعمة الله على المسلمين ان بقاءه رضي الله عنه بعد الخلفاء خليفة وإماما وسلطانا ومعه مائة الف سيف تطيعه، فما سار في تركات رسول الله صلّى الله عليه وسلم