وأعجب من هذا، ان المصريين أتوه رضي الله عنه بعد ان مضى عثمان فقالوا: امدد يدك نبايعك، فقال: ليس هذا اليكم، هذا للمهاجرين والانصار، من أمّره اولئك فكان اميرا. فانظر كم يقول إن هذا امر المسلمين وأنه بالاختيار. ثم ان المصريين انصرفوا عنه، فجاءه المهاجرون والانصار، فقالوا: امدد يديك نبايعك، فقال لهم: اختاروا غيري تبايعونه وأبايعه، فلأن اكون لكم وزيرا خير من ان اكون اميرا، فدفعهم عن نفسه، فعاودوه فقال لهم: إن عمر كان رجلا مباركا/ وقد جعلها شورى، قالوا: فأنت من الشورى وقد رضيناك، فقال: اختاروا غيري، فدفعهم، فعادوا فقال: قد علمتم اني اسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه امركم، قالوا: قد رضيناك، فدفعهم ومشى الى طلحة والزبير فعرضها عليهما، وقال: من شاء منكما بايعته، فقالا: لا، الناس بك ارضى، فترددوا اليه وهو يأبى ويقول: اختاروا غيري فيقال انهم اختلفوا اليه بعد مضي عثمان ثمانية ايام، ومنهم من يقول []«١» يوما وهو يقول: اختاروا غيري ابايعه وتبايعونه.
هذا، وقد مات ابو بكر وعمر وعثمان وما هناك سلطان ولا خليفة، فأين ما ادعيتموه؟ ثم انه لما اتوا وألحوا عليه فقال بعد الحمد والثناء والصلاة:
ايها الناس، ان احق الناس بهذا الامر اقواهم عليه واتقاهم لله، ولا يحل بعد إلا برضى المهاجرين والانصار، فاذا رضوا لم يكن الخيار، فان شغب شاغب استتيب، فان ابي قوتل حتى يفيء الى امر الله.
(١) فراغ في الاصل، والقول الصحيح ما ذكره القاضي من ان عثمان رضي الله عنه قتل يوم ١٨ ذي الحجة سنة ٣٥ هـ. وان عليا رضي الله عنه بويع يوم الجمعة لخمس بقين من ذي الحجة. انظر الطبرى.