نكث ناكثون ممن بايعني وقسط قاسطون، فلم اجد إلا قتال من بغى ومحاكمة من اعتدى الى كتاب الله؛ وليس يجب انكار امامة من عقدت له الامامة إلا أن يجور في حكم، او يعطل حدا، او يضعف عن القيام بها؛ فو الله ما عطلت لكم حدا، ولا جرت عليكم في حكم، ولا ضعفت عن القيام بالامامة، فأوجبوا لي على انفسكم مثل ما اوجبتموه لمن تقدمني من ابي بكر وعمر وعثمان يرحمهم الله.
فانظر كيف يذكرهم ببيعة الخلفاء قبله ورضاه بهم، ويجعلهم إجماعا وحجة على الأمة، ويذكر انه صار إماما ببيعتهم له، وأنهم هم قلدوه إياها، وأنه لا يحل انكار امامة الامام الا ان يجور في حكم او يعطل حدا او يضعف عن القيام بها، وأن هذا جائز على كل امام بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهو رضي الله عنه اعلم بنفسه وبدينه وأفقه في دين الله، فينبغي الرجوع الى قوله لا الى قول هؤلاء/. وقد قال في خطبة له بالمدينة وهو يأمر الناس بتفقد افعاله وأحكامه: رحم الله رجلا رأى حقا فأعان عليه، ورأى جورا فردّه، وكان عونا بالحق على من خالفه.
وقد قال الحسن ابنه رضي الله عنهما لأهل الكوفة حين استنفرهم الى ابيه: يا ايها الناس، إن امير المؤمنين يقول اني خرجت مخرجي هذا ظالما او مظلوما، وإني اذكر الله رجلا رعى الله حقا إلا نفر، فان كنت مظلوما أعانني، وإن كنت ظالما اخذ مني.
ومن مقاماته بالبصرة يوم الجمل بعد انقضاء الحرب فقال: اين مثوى القوم؟ قالوا: صرعى حول الجمل، فقام خطيبا فقال بعد حمد الله والثناء:
توفي رسول ولم يعهد الينا في الامارة عهدا فنتبع اثره، ولكنا رأيناها من