للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك يسعني في ديني أجبتك ولكان اهون عليّ من المؤونة، ولكن الله لم يرض لأهل القرآن ان يعمل بمعاصي الله في اكناف الارض وهم سكوت لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر، واعلم يا حوشب اني قد ضربت الامر ظهره وبطنه وأنفه وعينه، حتى لقد منعني من نوم/ الليل، فما وجدته يسعني إلا قتالهم او الكفر بما جاء به محمد صلّى الله عليه وسلم، فكان معالجة القتال اهون من معالجة الاغلال، وكانت مؤونات الدنيا اهون علي من النار.

فتأمل ما في هذا القول من الانوار والحجج الشاهدة ببطلان دعاوي هؤلاء القوم، فانهم زعموا انه مكث خمسا وعشرين سنة مع ابي بكر وعمر وعثمان وقد كفروا وارتدوا لا ينكر عليهم بل كان اكبر اعوانهم، وهو يقول هذا القول. وكان اصحابه يقولون لأهل الشام- مثل عمار بن ياسر، وقيس ابن سعد، وشريح بن هانىء، وعديّ بن حاتم، وصعصعة بن صوحان، والأشتر-: ان عليا اذا ظهر سار فيكم سيرة ابي بكر وعمر، وان معاوية لا يفعل ذلك، انما يريد العاجلة ويطلب الدنيا، وان صاحبنا كان يتقدم عند ابي بكر وعمر ويرجعان الى رأيه، وقولهم «١» ان صاحبنا من البدريين والمهاجرين وليس صاحبكم كذلك. فانظر بأي شيء يمدحونه وبأي شيء يحتجون له لتعرف بطلان دعاوي هؤلاء القوم، فانهم يقولون: الحجة في إمامته نصّ النبي عليه، وظهور المعجزات عليه بعد النبي صلّى الله عليه وسلم، وهو رضي الله عنه لا يذكرها هو ولا يحتج بها ولا يعرفها، ولا احد من ولده وأهل بيته وشيعته في زمانه.


(١) في الاصل: وقوله، ولعل الصواب ما اثبتناه