من الناس ولما يتوقع من إغارة العدو. فقال أبو بكر ما دخلني إشفاق من شرّ ولا دخلني في الدين وحشة إلى أحد منذ ليلة الغار، فإن رسول الله حين رأى إشفاقي عليه وعلى الدين قال: هون عليك أبا بكر، «١» فإن الله قد قضى لهذا الأمر بالنصر والتمام. فقبلوا منه ورجعوا الى قوله، وقاتلوا العرب كلها فغلبوهم/ وقهروهم مع قلة المسلمين وكثرتهم، لتعلم معرفتهم بما أخبرهم به رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الظهور وثقتهم بذلك.
فلما فرغ أبو بكر من العرب أرسل إلى أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم على فارس والروم أن الله قد وعدكم الفتح، وأن يظهر دينه على كل دين، وأن يستخلفكم في الأرض كما استخلف الذين من قبلكم، والله متم أمره، ومصدق رسوله، ولكن أخوف ما أخاف علينا أن يصرف الله ذلك إلى غيرنا لتقصير يكون منّا، فجدّوا وبادروا لتحوزوا ثوابها. ثم قال لهم: إن بلادهم خرسة يعني خراسان، فقد سمعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم يذكرها ويخبر أنكم ستفتحونها.
فذكرها وهي أقصى ممالك فارس وأوسعها بلادا وأكثرها رجالا وأشدها بأسا. ولما صار النعمان بن مقرن مع النفر الذين معه من المسلمين إلى يزدجرد ابن شهريار ملك فارس برسالة عمر بن الخطاب يدعونه الى الاسلام وأداء الجزية أو القتال، فقال لهم يزدجرد: لا أعرف أمة أقلّ ولا أشقى منكم.
ثم ذكر من ذلّة العرب وسوء حالها ما يطول، ثم قال: تقولون لفارس، وملكها أعزّ ملوك الأرض، وملوك الأرض كلها تخضع لها: تعطوننا الجزية، يا كلاب، لولا أنكم رسل لقتلتكم، سأتقدم إلى رستم، يعني صاحب