للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جيشه، بأن يدفنكم وأميركم، يعني سعد بن أبي وقاص، وكان نازلا بالعذيب يريد ملك فارس، بأن يدفنكم في خندق القادسية، ثم أرسل إلى بلادكم فاستأصلكم وأصنع بكم أشد مما صنعه سابور بكم. وأخذ يتعجب من ضعف أجسامهم ورثاثة سلاحهم وكسوتهم.

فقالوا له: إنا قد فهمنا ما ذكرت أيها الملك من القلة واستطالة الملوك علينا/ ولكن الله بعث فينا رجلا منا يدعونا إلى الله، ووصفوا له الاسلام وحال النبي صلّى الله عليه وسلم ووحدته وفقره، وأنه وعد أن يغلبنا ويغلب الأمم، فعجبنا من قوله، وتلقيناه بالجهل والرد والتكذيب، فلم تزل مواعيده تصدق، فما أخلف في شيء قاله. وقد وعدنا ممالككم وأرضكم ودياركم، ولن يخلف قوله. فأجيبوا إلى دينه فإنه دين يحسن فيه الحسن ويقبح فيه القبيح، نخلف فيكم كتاب الله فتجاهدون من يليكم فتفوزون، وإلا فالجزية نقبلها منكم عن يد وأنتم صاغرون، فإنكم إن تقاتلوا ينصرنا الله عليكم. فقال: ما تريدون بقولكم عن يد؟ قالوا عن يد منّا عليك في قبولها منك، فازداد غيظه وقال: قوموا يا كلاب عني، وجرى لهم معه ما يطول، وإنما أردنا ذكر ثقتهم بهذا الوعد.

ولما سار رستم بجيوشه إلى سعد بن أبي وقاص وهو في المسلمين، أرسل رستم طلائعه وقال لهم: بادروا، ومن وقع بأيديكم من العرب فأسرعوا به إليّ. فجاؤا برجل من المسلمين، فقال رستم للترجمان: قل له ما جاء بكم إلى بلادنا؟ فقال المسلم: لنأخذ موعود الله، فقال رستم: وما هو؟ قال المسلم: أنفسكم وأموالكم ودياركم، فقال رستم الملك له: يا كلاب، كأنا قد وضعنا في أيديكم، فقال له العربي: أعمالكم وضعتكم في أيدينا، انك لست تحاول البشر وإنما نحاول القدر، فقال له رستم: أما أنت فتقتل