زالت دولة بني العباس على يده وأخذت الأموال منه، وأجرى له مقدار الكفاية، وزال أمره عن تدبير الجند وعن الولايات؛ وهو أول من حجر عليه منهم- في أن يستخدمه في بذرقة الحاج بشيء يعطيه، علمت أن ذلك آية من آيات الله العظام، فقد/ كان أثخن في الإسلام، وأخرب منازل الحاج، وقد كاتب في الأمن والعمارة كالأسواق القائمة، ولعل قتلاه أكثر من قتلى بابك وصاحب الزنج، وكانت هيبته قد ملأت القلوب، حتى كتب ملك الروم إلى السلطان كتابا يظهر له الشماتة بأن أبا طاهر القرمطي قد أبادكم وأفناكم وشغلكم عن غزونا وأراحنا منكم وقصد بيت عبادتكم فقتل زواره ومن يعظمه وأنزل بدينكم كل هوان. وكان العامة ومن ليس هو من الدعوة إذا سألوا أصحاب أبي طاهر عما أتاه في باب ذكيرة لا يجيبون بل يقولون إنما سلم الأمر اليه ليمكر به ولينظر ما عنده، وصبر عليه وعلى ما أتاه ليعرف آخر أمره، فكان لتسليمه باطن غير ما ظهر للناس.
وهذا أعجب ما يكون من فضائح المبطلين وبهتهم، وهذا ما لا يعجز عن ادعائه أحد، فإنهم قد افتضحوا وتقطعوا ندما، وانصرفت عنهم عقيل لهذه الفضائح وهانوا على جندهم بعد الكرامة، وسقطت أقدارهم البتة، ثم يبهتون هذا البهت.
وهذا كقولهم لو قال: إن خادم العباس بن عمرو الغنوي ما وثقنا به ولا سكنا اليه ولا وثق به أبو سعيد ولا ائتمنه ولا سكن اليه وإنما تركناه وقتل أبي سعيد وتلك الجماعة الذين قتلهم في الحمام لننظر ما عنده وليظهر آخر أمره، على علم منّا بما سيأتيه ويفعله. وأن ما أتاه الأصفر من قتل رجالنا ومنعنا من التصرف في البلاد والخروج لأخذ ضريبة الحاج وحصاره إيانا في الأحساء، ليس عن عجز منا ولا لجهل منا بما كان منه قبل أن