للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون، وإنما تركناه على علم وقدرة ليظهر كل ما عنده ولكل أمر باطن.

أو كمن قال: إن الأصفر لم يصنع بهم هذا الصنيع عداوة لهم، فكذا ما صنعه ابن أبي الساج، وإنما أراد الأصفر أن يمتحنهم بذلك، ولهذا باطن وهذا خلق لأهل هذه الدعوة حيث كانوا من مشرق الأرض وغربها، فإنهم متى افتضحوا ومتى بان كذبهم فقالوا لهذا باطن.

فقد كان سعيد أنفذ الجيوش في سنة اثنين وثلاثمائة إلى مصر وقال:

تفتحونها وأنا في إثركم، وكانت خالية ليس فيها إلا القاسم بن الاخشيد الفرغاني في سبعة آلاف، وعسكر ابن سعيد الذي ورد به إلى مصر في نحو مائتي ألف، فهزمهم القاسم وردّهم، فرجعوا في سنة سبع وثلاثمائة في ثلاثمائة ألف، وقال: تفتحونها، فرجعوا منهزمين. وكان ابن سعيد رئيس الجند، ويوسف بن غروي الكبير المدبّر، وهو يعجب من رجوعهم وقد قال تفتحون. فقال لهذا القول باطن فأخذ يوسف هذا وقتله» .

وقد كان الرابع منهم لما ملك مصر والشام قال: الآن أملك الدنيا كلها، وكان له برذون أشهب يقال له عين الفضة، فقال: على هذا أدخل قسطنطينة، وقال: أنا لا أعطي أهل الاحساء عن الحاج ضريبة كما كان كافور الخصيّ الأسود قبلي يعطيهم، فإن خالفوني وجّهت بكتامة فشدّوا براذينهم على أبوابهم بالأحساء وساوم صاحبه وصاحب جيشه في ثياب بياض، ثم قال: وهذه تجلب من نيسابور وإلى هناك نصير فنشتريه من معدنه. فجاء ولد أبي سعيد وأخذوا الرايات السود من بغداد وعليها الامام المطيع لله أمير المؤمنين. وكانوا في جيش قليل، وأخذوا الشام منه، وقتلوا


(١) في الأصل: أبو يوسف، ولعل الصواب ما أثبتناه