ولا يخافون أحدا ولا يراقبون أحدا ولا يهابون في الله مخلوقا وأن هذا فضل من الله ساقه اليهم وخصهم به، وهذه صفات أعلى المؤمنين درجة عند الله، فلو لم يقف من غلط من اتهمهم ورماهم بالريب إلا من هذا الوجه لكفى وأغنى وزاد على الكفاية «١» . ولو كان أبو بكر رضي الله عنه وأصحابه ارتدّوا وكفروا كما زعم هؤلاء وادعوا لأتى الله بمن يقهرهم ويغلبهم، وإلا كان خبر الله قد كذب وأخلف وحاشا لأخبار الله أن تكون كذلك. وعند هؤلاء الزنادقة أن هؤلاء الصحابة قد ارتدوا، وأنهم أعداء الله وأعداء رسوله وأن أمير المؤمنين ونفرا كانوا معه على الإسلام مغلوبين مقهورين مقصودين بالإذلال والمكروه، وأن أبا بكر وعمر وعثمان والمهاجرين والأنصار كانوا يعزون المشركين وأعداء الدين والمرتدين والمبدلين والمغيرين ويذلون المؤمنين، وهذا ضد/ التنزيل وتكذيب لقول الله فيهم كما قد شرحه الله وبينه في الآية وأظهره من ضمائر هؤلاء ونياتهم. وعلى ما يقوله الخصم كان ينبغي أن يكون التنزيل:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يبغضهم ويبغضونه يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ الشيطان فهذه صفاتهم عند هؤلاء الخصوم، نعوذ بالله من العمى.
والذي عند العلماء، أن عليا رضي الله عنه كان في أيام هؤلاء أعز المؤمنين وأجلهم وأعلاهم، نافذ الأمر مسموع الغلب، مثلهم في سلطانه؛ وبه قام سلطان أبي بكر وبأمثاله من المؤمنين، وقد تولى لأبي بكر أتعاب المدينة، وتولى له أموال رسول الله، وسار معه إلى الربذة وإلى ذي القصة، وغزا معه، وأشار عليه بتلك الآراء، وردّه إلى المدينة وأطاعه حياته وبعد موته، ونفذ وصيته في عمر. وكان رضي الله عنه يضرب المثل لأصحابه، وأنه كان