سلول وأمثاله ممن في قلبه مرض، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ستكون فيكم مصيبة، وذاك أن النبي صلّى الله عليه وسلم رأى في المنام أن بقرا تنحر فتأوله قتلا في أصحابه، ورأى أن سيفه ذا الفقار قد انفصم فكان قتل عمه حمزة رضي الله عنه، ورأى أن كبشا أعين قتل فتأوله كبش الكتيبة فكان عثمان بن أبي طلحة صاحب لواء المشركين. فلما صاروا بأحد التقوا مع المشركين عبّأ رسول الله صلّى الله عليه وسلم أصحابه قال لهم: إنكم ستهزمونهم، وأقام الرماة من أصحابه في موضع خاف أن يدخل المشركون منه فيصيروا خلف العسكر، وأمرّ عليهم عبد الله بن جبير، وقال لهم: / إن رأيتمونا قد هزمناهم حتى بلغنا بهم بموضع بعيد فلا تبرحوا أنتم، فانهزم المشركون كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم ووضع المسلمون فيهم السيف يقتلونهم، ونظر الرماة إلى الهزيمة فتركوا مراكزهم واتبعوا العدو واشتغلوا بالغنائم وثبت أميرهم مع طائفة وقال: والله لا أعصى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فلما زال الرماة عن مكانهم دخل المشركون وصاروا من ورائهم ونادى مناديهم بصوت عال: قتل محمد وقتل ابن أبي قحافة وقتل ابن الخطاب. وانصرف عبد الله بن أبي سلول بمن معه، وانهزم المسلمون، وبقي رسول الله صلّى الله عليه وسلم مع نفر يسير، فما برح وما برحوا مع قلتهم وكثرة المشركين، منهم أبو بكر وعمر وعلي وطلحة وأبو عبيدة وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص ونفر من الأنصار؛ وأقبل أبو سفيان بأصحابه نحو الجبل الذي فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم والنفر الذين معه فصرفهم الله فلم يقدموا عليهم، فنادى أين ابن أبي كبشة، أين ابن أبي قحافة، أين ابن الخطاب، فما أجابه أحد فقال: قتل هؤلاء، فقال عمر: يا رسول الله ألا أجيبه، فقال: أجبه، فقال أبو سفيان:
اعل هبل، فقال عمر: الله أعلى وأجل، قال أبو سفيان: لنا العزّى ولا عزّى لكم، فقال عمر: الله مولانا ولا مولى لكم، قال أبو سفيان: الأيام