للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دول، والحرب سجال، وأحد ببدر، وحنظلة بحنظلة، يعني ابنه حنظلة.

فقال له عمر: ولا سواء، قتلانا في الجنة يرزقون وقتلاكم في النار يعذبون، فقال أبو سفيان يا ابن الخطاب أسألك عن شيء فأخبرني، فقال: قل، فقال:

أما أنت فحيّ، سألتك بالله أمحمد حيّ وابن أبي قحافة حيّ، قال: نعم/، ورسول الله يسمع كلامك ولك منه ما تكره، فقال أنت أصدق، فإن ابن قمئة أخبرني أنه قتل «١» . فقال النبي صلّى الله عليه وسلم اللهم أقمه في الدنيا قبل الآخرة، فاعتقل عنزا ليحلبها فنطحته فمات.

وفي هذه الوقعة يقول الله عز وجل: «وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ» أي تقتلونهم «حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ» «٢» إلى آخر القصة.

فتعلم أنه لا يسوغ ولا يجوز أن يقول رئيس قوم لهم: قد كنت وعدتكم أن تقتلوهم وقد صدقتكم فيما وعدتكم وأريتكم ما تحبون ثم عصيتم أمري وخالفتم وصيتي وهو يعلم أنهم يعلمون أنه قد كذب في جميع ذلك، فكيف بمن يدّعي النبوة والصدق في جميع ما يقوله ويخبر به.

وقوله: «وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ» إلى قوله: «مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ» يعني أولئك الذين أخلوا المراكز «٣» واشتغلوا بالغنيمة «ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.

إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا


(١) هو عبد الله بن قمئة الليثي: جرح وجنة الرسول في أحد فدخلت حلقتان من حلق الدروع في وجنته، وانظر لهذه المحاورة سيرة ابن هشام ٣: ٩٣- ٩٤
(٢) هذه الآيات وما بعدها من سورة آل عمران ١٥٠- ١٥٤
(٣) في الأصل: أخلوا بالمراكز.