للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ «١» ثمّ أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم» .

وهذه أيضا من الآيات بأحد، فإن النعاس غشيهم كما غشيهم ببدر، في الموضع الذي يطير فيه النعاس؛ والذي يدلّك على كونه امتنان الله عليهم به ولا يجوز أن يمتن عليهم بذلك والعدو والوليّ يسمع هذا الامتنان، وهو أمر لا أصل له وهو يعلم أنهم يعلمون أنه قد كذبهم في ذلك. إلى قوله: «إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ/ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ» ، وقال لنبيّه عليه السلام: «فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ» فأمره بالاستغفار لهم وأن يعود لهم إلى حالهم في مشاورتهم، فإن المشورة فيما لم ينزل به قرآن مستحبة حسنة. والذين أشاروا من الأنصار على رسول الله صلّى الله عليه وسلم بأن تكون الحرب خارج المدينة كان لهم أن يشيروا بذلك، وكان لرسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يأخذ برأيهم؛ ولقد اجتهد أعداء عثمان في أن يجدوا له عيبا فما قدروا عليه مع طول المخاطبة، فقال له قائل منهم: أنت ممن تولى يوم أحد فقال له عثمان: فلم تعيرني بذنب قد غفره الله، أما سمعت قوله: «إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ» إلى آخر الآية.

وفكر في معنى قوله عز وجل: «أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ: هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» «١» أي بذنبكم وتقصيركم وترككم الموضع الذي قال لكم نبيكم صلّى الله عليه وسلم سنهزمهم فلا تتركوا مركزكم ولا تمسوا غنائمهم حتى تفرغوا. وقد كانوا يوم بدر


(١) آل عمران ١٦٥