قتلوا سبعين وأسروا سبعين، فلهذا قال لهم:«قد أصبتم مثليها» لأن القتلى من المسلمين كانوا يوم أحد سبعين فلهذا قال لهم: «قد أصبتم مثليها» لأن القتلى من المسلمين كما ذكرنا. فتأمل ما تقرأ وأطل الفكر فيه تقف على المراد به، فإن الذكر للقصة بأحد من قوله:«وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ» إلى قوله: «الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ» .
فتأمل طول هذه المراجعة والمواقفة للمؤمنين على الوفاء بما ضمنه لهم، وعلى الصدق فيما أخبرهم وفيما كان من تقصيرهم، / فكم فيه من آيات ودلالات.
وانظر إلى هذا الادلال بالحق والاستطالة على العدوّ والولي بالحجة حتى ما يستطيع العدو المكاشف أن يدفع شيئا من ذلك.
وانظر إلى المواقفة والمناظرة التي كانت بين عمر وبين أبي سفيان، هل قدر أبو سفيان وأصحابه وهم يناظرون المسلمين من عسكرهم أن يقولوا:
إن محمدا كذبنا في كذا وأخلف في كذا وكيف تطيعونه وتفارقون أديانكم وبلدانكم وتقتلون أنفسكم لرجل هذه سبيله وما أشبه ذلك، وهذا موضع حاجتهم إلى ما هذه سبيله.
وانظر إلى أهل الردة على طبقاتهم، فقد كانوا أشد الناس عداوة لأبي بكر وقد نال منهم كل منال وقتلهم كل قتلة، فما استطاع أحد منهم أن يقول له: وأنت فقد بدلت دين محمد ونقضت عهوده فكيف أنكرت علينا ما صنعنا، ولم تقتلنا لأنا منعنا الزكاة، وهذا موضع حاجتهم اليه وحجتهم عليه، ولتعلم أنه لم يكن فيه مغمز كما لم يكن في رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
ولما رجع المشركون من أحد وصاروا بالروحاء «١» ، أقبل بعضهم على