للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض يتلاومون، وأنهم صاروا في عسكر عظيم وهم لا يشكون في أنهم يقتلون رسول الله صلّى الله عليه وسلم ويستأصلون الإسلام، فخاب أملهم واختلفت أقوالهم وقالوا:

لا محمدا قتلتم ولا كواعب أردفتم فبئس ما صنعتم.

وقد كان أبو سفيان نادى أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم قبل انصرافه من أحد:

ما بيننا وبينكم موسم بدر الصغرى نلتقي بها، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم لمن كان يجيبه من الصحابة: قل نعم إن شاء الله، فلما حضر الوقت تعذر على أبي سفيان الخروج للوعد أو كرهه، فأتى نعيم بن، مسعود فقال له: إني واعدت محمدا وأصحابه أن نلتقي بموسم/ بدر الصغرى وقد بدا لي أن لا أفعل، وأكره أن يخرج محمدا وأصحابه ولا أخرج فيزيدهم ذلك جرأة، ولأن يكون الخلف من قبلهم أحبّ إليّ، فلك عشرة من الإبل إن حبستهم عني. فقدم نعيم على أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهم مجهزون فجعل يثبطهم ويخوفهم ويذكر أن أبا سفيان قد جمع لهم الجمع الكبير، وأنهم إن خرجوا لم يفلت منهم أحد. وجعل يريهم النصح لهم والإشفاق عليهم، فما قبلوا وبادروا وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل. وخرجوا وتخلف أبو سفيان عن الوعد وفيهم نزلت: «الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ» «١» الآية.

فتأمل خيبة المشركين وخلف أقوالهم وحيرتهم مع كثرتهم، وصدق جميع ما وعدهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وجرأة المسلمين مع قلتهم وفقرهم وشدة الأمر عليهم.


(١) آل عمران ١٧٣