فتأمل رحمك الله هذه الجملة، فإن الجوهر والأقانيم والاتحاد هو من قول أرسطوطاليس وأشباهه من القائلين بالقدم وتكذيب الرسل وبإنكار البعث، وهم قالوا: إن الإنسان إذا عرف شيئا فقد اتحد به، وأن العقل والعاقل والمعقول يصير شيئا واحدا، وأن الثلاثة واحد والواحد ثلاثة، ولهذا قالوا: هرمس المثلث، فهذه الجهالة والحماقة هي لهؤلاء وعنهم أخذ نموها، وهم يسمون حكامهم ورؤساءهم آلهة لا الأنبياء وأهل الكتاب، فانظر إلى هذه من مقالة هؤلاء كيف أطلع الله عز وجل محمدا عليه ولو لم يكن من آياته إلا هذا لكان عجبا.
ويبلغ من جهل أرسطو طاليس وأمثاله أنهم يقولون: إن الشمس والقمر والكواكب حية عالمة سميعة بصيرة تخلق وترزق وتحيي وتميت، وهي عندهم آلهة يدعونها ويسألونها ويرغبون اليها في الرزق والعافية والحياة، ولكل كوكب منها عندهم هيكل ودعاء وبخور ودخنة، فقد كان الناس يعجبون من قولهم في الناس أنهم آلهة حتى صاروا يقولون ذلك في الجماد والموات، إذ لا فرق بين من ادعى ذلك في الشمس والقمر أو ادعى في البرق والغيم والريح والنار والياقوت والزجاج، أو ادعى في شعاع الشمس، أنه سميع بصير خطيب شاعر.
على أن إخوانهم من المنانية قد ادّعوا في الغيم والمطر والريح والماء وفي جميع الأجسام أنها حية سميعة بصيرة حساسة دراكة، وإنما ذكرنا هذا وإن لم يكن كاملا في النبوة لتعلم أن أدلة التوحيد ونفي الشركة/ والشبيه مأخوذ من القرآن، مجتذب إلى ما في أدلة العقول من ذلك، ولتعلم أن الخير كله