للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بين من ادعى هذا أو ادعى في الإنسان الواحد أنه جملة أحياء قادرين عالمين مدبرين غير أنهم قد اتفقوا في الإرادة فلا يختلفون، وهذا خروج من العقل ومما شهدت به العبرة.

وقد بين أيضا بحجة العقل أن الإله لا يكون محتاجا، فقال عز وجل:

«مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ» «١» فقال:

أنتم ترون حاجته وفقره وضعفه، وحاجة أمه وحاجته إلى أمه، فكيف يكون من هذه سبيله إلها؟ فإن كان عندكم إلها بكون الآيات ظهرت على يديه، فقد خلت من قبله رسل كانت لهم آيات ومعجزات عظيمة كثيرة، ثم قال:

«أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» «٢» فقد كان المسيح لا يدفع عن نفسه الحاجات والآفات فكيف يملك لكم.

ثم قال: «قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ» «٣» يقول: أنتم معشر النصارى قد آمنتم بنبوة موسى والأنبياء قبل عيسى، وصدقتم كتبهم، وكلهم قد جاء بإخلاص التوحيد، وأنه إله واحد غني قديم لا إله إلا هو، لا يعرفون ما يقوله النصارى من الجوهر والأقانيم/ والاتحاد وما أشبه ذلك، وأن هذا نمط من ينكر خلق السموات والأرض والبعث والنشور وما جاءت به الأنبياء عليهم السلام فكيف تكونون من أهل الكتاب وهذه سبيلكم؟ فينبغي أن يصدق قولكم فعلكم.


(١) المائدة ٧٥
(٢) المائدة ٧٦
(٣) المائدة ٧٧