البطريق، وعلى نصارى العرب من غسان وقضاعة وغيرهم شرحبيل بن عمرو الغساني، فانتهوا إلى مؤتة فكفاه الله أمرهم كما هو معلوم.
وأرسل إلى ملوك اليمن وملوك البحرين وعمّان رسلا معروفين، وقد علمت رحمك الله أنه دعاهم إلى الاختلاع من ملكهم والخروج من عزهم إلى التواضع والتذلل، وإلى الجهاد بأموالهم وأنفسهم، وهذا غير تدبير البشر وحكماء الملوك، وهذا عندهم من سوء التدبير، فتعلم بعقلك أنه لم يفعل ذلك/ إلا وهو على يقين من السلامة من سطواتهم وكيدهم وشرهم.
وقد تقدم لك حال كل من جاء بعده من قريش والعرب وغيرهم، وأنهم به لاذوا واعتصموا وعلى ما مهّده صلّى الله عليه وسلم، وأنه هو ما اعتصم بمخلوق بما فيه كفاية، فارجع إليه. وقد أجابه صلّى الله عليه وسلم من الملوك الذين دعاهم النجاشي وغيره.
وتأمل حال قوم في زمانك وهم من الملوك العظماء، وملكهم واسع، وشأنهم عظيم، فإنهم من تسترهم بالإسلام ومع اعتزائهم إلى النبي صلّى الله عليه وسلم وأنهم من ولده وقد قدموا على ما مهد لهم، بأي شيء يلقون ملوك الإسلام، وبأي شيء يراسلونهم، وكيف يخضعون لهم ويخدعونهم بألوان الخدع ليستبقوا طاعتهم لهم باللسان، فيقول دعاتهم لكل واحد من هؤلاء حتى لرؤساء الأعراب والأكراد: أخوك فلان ابن فلان ابن رسول الله، وقد علمت عظيم ملكه، وهو يدعى بأمير المؤمنين، وقد فرض رسول الله صلّى الله عليه وسلم عليك طاعته لقوله كذا ولوصيته الفلانية؛ وما يطالبك بحقوقه، وما يطلب منك شيئا، ولكنه يرغب في أخواتك وفي صداقتك وفي الانبساط إليك في أن تقبل هديته، وقد علمت أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قبل الهدية ورغب في ذلك، وإن كافأت بأقل القليل قبله