للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولها نظائر، مثل قوله عز وجل: «فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ» «١» وقوله: «سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا» «٢» ومثل هذا كثير.

فإن قيل: فما ينكرون أن يكون قد أخبر عنهم بعد أن قالوا.

قيل له: هذا لا يفعله عاقل بأن يقول لأمر قد كان وقد وجد وفرغ منه هذا سيكون، فيكذب هذا الكذب الظاهر عند قوم يعلمون أنه قد كذب وهو يدعي/ الصدق والنبوة وأنه وجده حجة الله وصفوة الله وأنه لا أحد معه في ذلك ولا بعده إلى يوم القيامة، فاعرف هذا وراعه في أماكنه من القرآن إذا تلوته.

وتأمل قوله عز وجل: «يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ» وقوله:

«بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً» .

فإن العاقل لا يفعل هذا بمن أظهر له الطاعة وإن كان متهما الباطنية، بل يظهر له القبول، هكذا حق الرئاسة وهو الذي تقضيه السيادة وهو الحزم ومن سوء التدبير إظهار تهمة مثله، وهذا لا يفعله إلا من كان نبيا أو رسولا لله صادقا كما قد تقدم شرح ذلك لك.

ومما يؤكد ذلك، أنه صلّى الله عليه وسلم كان يوصي أمته بالمداراة وبالصفح وبترك


(١) الإسراء ٥١
(٢) الفتح ١٥