للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسامعين ومطيعين: لم تؤمنوا، ولكن قولوا: أسلمنا. فلا يسوغهم دعوى الإيمان مع ضعف البصيرة، ويقول: «إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ» «١» فيعطيهم العطاء الجزيل ويقول: هؤلاء الذين ضعفت بصائرهم أعطيهم أتألف قلوبهم لانحطاط منزلتهم عن منازل المهاجرين والسابقين والأنصار، فيسميهم باسم المنقصة ويلبسهم جلباب المذلة وقد أعطاهم تلك العطايا الوافرة، وهذا خلاف تدبير عقلاء الناس وحكماء البشر، فإن هذا عندهم تضييع للمال وتنفير للناس وجناية على الملوك ونقض عرى الملك وهدم لأركانه.

وفي هذا المعنى قوله عز وجل: «إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ. وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ» إلى قوله: «وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ» وهذا من ذلك الجنس الذي قدمنا، وهي في قوم من/ المنافقين معروفين وهم عبد الله بن أبي سلول الخزرجي وأتباعه، وهذا كان سيدا في الخزرج مطاعا عظيم الشأن، وكان متقدما في الأوس والخزرج جميعا، وكان رأس المنافقين، يطيعونه ويرجعون اليه، وكان قد حسد رسول الله صلّى الله عليه وسلم وسبق عليه أمره، وكان سعد بن عبادة يقول للنبي صلّى الله عليه وسلم اصبر عليه يا رسول الله واحتمله، فو الله لقد نظمنا خرزات تاجه لنسوده حتى جاءنا الله بك.

وكان معه على النفاق جماعة من الأوس والخزرج يؤملونه ويرجون أن تكون الرئاسة له، وكانوا يعدلون قومهم من الأنصار في محبتهم لرسول الله صلّى الله عليه وسلم وأتباعه.

وكانت الأنصار تحب إسلامه وإجابته وإخلاصه، فيذكرون له صحة الإسلام


(١) التوبة ٦٠