للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحسنه، ويوبخونه في إبطائه عنه، فيجيبهم إلى ذلك فيسلم؛ ثم ينظر في أمره وأنه ليس له منزلة خبّاب بن الأرتّ، وسهيل بن سنان، وزيد بن حارثة، وبلال مولى أبي بكر الصديق، وعمّار بن ياسر، وأمثالهم من الموالي مع حبه للرئاسة إذ هو رئيس وسيد قبل الإسلام، فيتحسر، ويحمله الحسد، فيرجع ويتردد. وقد كان في بعض غزوات رسول الله صلّى الله عليه وسلم، إما في غزوة المريسيع أو غيرها قد ازدحم الناس على الماء لضيقه «١» ، فوقع بين الجهجاه الغفاري صاحب عمر بن الخطاب وأجيره وبين رجل من الأنصار، فقال الغفاري: يا للمهاجرين وقال الأنصاري: يا للأنصار، وبلغ ذلك عبد الله بن أبيّ بن سلول وهو في مجلسه وفي جماعة من خواصه وخدنه وعبيده وأهل بيته، وكان في هذه الغزاة، فأظهر التعجب من أن يقال يا للمهاجرين وأن يكون أحد يعازّ الأنصار وقومه/ من الأوس والخزرج وأخذ يلوم الأنصار في مجيئهم بهم وأنهم جاؤا بقوم فقراء فواسوهم ومطرودين فاووهم وأنزلوهم ديارهم ومخذولين فنصروهم، فلما قووا واشتدوا واثبوهم وقالوا: يا للمهاجرين، وهذا كما قيل: سمّن كلبك يأكلك، وينبغي لهم أن يقطعوا النفقة عنهم حتى ينفضوا عن هذا الرجل «٢» ولئن رجعنا إلى المدينة لنأخذنهم بهذا، ولننضحن لهم، وليخرجن الأعز منها الأذل. وكان قد قال هذا بحضرة ثقاته وظن أن ذلك لن يبلغ رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فجاء زيد بن أرقم الأنصاري وكان من أهل بيته فأعاد على رسول الله صلّى الله عليه وسلم المجلس، فذكر صلّى الله عليه وسلم ذلك للأنصار فجاؤا إلى عبد الله بن أبيّ بن سلول فذكروا له ذلك، وأن زيدا بن أرقم حكى ذلك


(١) وتسمى أيضا غزوة بني المصطلق. وفي سيرة ابن هشام يوضح أن الذي نادى أولا هو الأنصاري إذ قال: يا معشر الأنصار، والأنصاري هو سنان بن وبر الجهني. انظر لتفصيل الحادث سيرة ابن هشام ٢: ٢٩٠
(٢) هو يتكلم عن الأنصار فيقول: ينبغي لهم