للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه، فقال: ما قلت هذا، وحلف، وقال: قد كذب من ذكر ذلك عني، وأنا أعرف بحق رسول الله صلّى الله عليه وسلم من أن أقول هذا، وزيد بن أرقم غلام حدث لا يدري ما يقول. فقالوا له كذا الظن بك، وأقبلوا على زيد بن أرقم تعذلونه وجاء هو إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم مع أصحابه وخاصته يكذبون زيدا فيما حكاه، ويحلفون على ذلك، وأنهم يعتقدون في قلوبهم وضمائرهم نبوة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وصدقه، فقبل رسول الله أيمانهم وسمع منهم وأقبل عليهم يكذب زيد بن أرقم ولا صدقه، بل أمسك عنه. فأخذه صلّى الله عليه وسلم الوحي كما كان يأخذه، فأقبل على أصحابه ودعا بأبي بكر وعمر، وتلا السورة، وأخبرهما بصدق زيد بن أرقم وأنه على حداثته قد أجاب وصدق. فقال له عمر بن الخطاب يا رسول الله لم لا تأذن في قتل هذا، تقدم إلى بشر بن البر الأنصاري أو إلى غيره يقتله «١» ، وتلا رسول الله صلّى الله عليه وسلم السورة على الأنصار، فقاموا/ إلى عبد الله بن أبي بن سلول فتلوا ذلك عليه وعرفوه ما كان، وعذلوه ولاموه ولاموا أصحابه ومن حوله ممن يريد هذا، وقالوا: إلى كم يا ويحك، وإلى متى تكون هذه الفضائح ويفضحكم الله مرة بعد مرة، توبوا وارجعوا، فقالوا نتوب ونرجع.

وجاء ابن لعبد الله بن أبيّ بن سلول إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكان مخلصا وكان برّا بأبيه شديد المحبة له، فقال: يا رسول الله، قد بلغني ما كان من أبي وما أحسب ولدا أبرّ بوالد مني ولكني لا أرضى له ما يأتيه، وقد بلغني ما أشار به عمر، فإن أردت قتله فمرني بذلك فإني والله أقتله مع حبي له وبرّي به، وإن قتله غيري خشيت ألا أصبر أن أرى قاتل أبي في الناس فأقتله فأدخل النار، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم لا تقتله وتأنّ به.


(١) في سيرة ابن هشام: عباد بن بشر الأنصاري