للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَظِيمٌ» «١» وقد جلد رسول الله صلّى الله عليه وسلم أولئك القذفة وقال: الله أمرني بجلدهم وأخبرني بكذبهم في قذفهم عائشة، وتلا عليهم: «إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ» »

أي ما ضركم بل كانت عقبى لكم، فإن الله عز وجل تولى إكذابهم بنفسه، وأنزل فيه القرآن المعجز والآيات البينات التي لا إكذاب لها إلى يوم القيامة، ثم قال: «لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ» «٣»

ثم عاتب المؤمنين الذين حكوا ما قالته القذفة ووبخهم على ذلك وعلى إمساكهم عن تكذيب أولئك والرد عليهم وحسن الظن بعائشة وبصفوان فقال عز وجل: «لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ» حتى قال: «فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ» . فانظر إلى هذا التعنيف النازل بالمؤمنين الذين حكوا ما قالته القذفة في عائشة وقالوا: إنما قلنا ما قيل لا انا قذفنا ولا انا شهدنا.

ثم عاد إلى من كان له في القصة هوى فقال: «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ» فتأمل هذا الوعيد لمن كان له في هذا هوى/ وقوله للمؤمنين الأبرياء: «يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» .

ثم قال: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ» أي إن هذا مما يزينه الشيطان ويدعو اليه والشيطان لا يريد إلا الباطل ثم قال: «وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً» أي لولا لطفه بخلقه وحسن اختياره لهم وجميل تدبيره لما زكى


(١) النور ٢٣
(٢) النور ١١
(٣) النور ١١