للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهم أحد أبدا، ثم قال: «وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» .

وهذا القول يقوله الله لأبي بكر، فإن مسطح بن أثالة كان من بني عبد مناف وكان ابن خالة أبي بكر وكان في عياله، وقد كان خاض مع الخائضين في شأن عائشة، فلما أنزل الله براءتها حلف أبو بكر ألا ينفق على مسطح وقد كان تاب وندم وكان من المهاجرين، فلما قال الله هذا القول لأبي بكر الصديق قال: بلى، يا رب نحب أن تغفر لنا، فرده في عياله.

فتأمل هذا النكال النازل بالقذفة والفضيحة الحالّة بهم والتوبيخ لمن أصغى لحديثهم والتزكية العظيمة لهذه المقذوفة، وقد وقع في هذه القصة جماعة كثيرة فيما يكرهون على طبقات، وهذا قول يغيظ ويغضب ويخرج المخبات ويذكر بالأحقاد وبالأمور القديمة ويبعث على البهت فضلا عن الإنصاف، فكيف بأمر قريب العهد. ولهؤلاء القذفة والخائضين نفوس وأكباد وعشائر وأحباب، وفيهم مثل عبد الله بن أبيّ بن سلول، ويتصلون بأعداء رسول الله صلّى الله عليه وسلم من اليهود وغيرهم، / ولهم الحرص الشديد على كذبة أو زلة تقع منه فما قدروا، فلو لم يكن في هذه القصة إلا إنسان واحد أو عائشة وحدها وكان هناك كذب لظهر، فكيف وفيها جماعة، فلو لم يكن الله قد أطلعه وأخبره بصدق عائشة وصفوان لما أخبر بهما فإن كان لا يأمن كذبهما، هذا لا يختاره عاقل سيما وهو يدعي الصدق.

فقد علمت أن الملوك وطلاب الدنيا لا يؤمن غدرهم وكذبهم وبهتهم بل تلك عادتهم وسجياتهم، وهم يطوون أسرارهم ولا يطلع عليه إلا الواحد بعد