للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الواحد من ثقاتهم ممن يشاركهم في ملكهم ونعمهم، ثم لا يأمن إن أظهر ذلك على نعمته ودمه، ثم لا يلبث السرّ الذي هذه سبيله أن يظهر ذلك في زمن الملك من جهته أو من جهة ذلك الثقة الذي أطلعه عليه، وليس للناس بإظهار ذلك عناية، وربما لم يكن في ذلك ما يتعلق بالدين وفيه معاداة الناس كلهم، وعنايتهم به وطلب عثرات من أتى به شديدة، ويتمنون وقوع ذلك منه. ومن لا عيب فيه ولا عادة في وقوع الكذب منه ومن يدّعي العصمة فصغار الأمور كبيرة منه، وقد يشيع عليه بما يشبه العيوب والذنوب بأنه عيب وذنب، ويتعلق عليه بمشكل الألفاظ ومتشابه الكلام. وقد كان أعداؤه صلّى الله عليه وسلم معه وبهم من الكثرة والقوة والملك والسطوة ما قد عرفه الناس، ومع هذا فقد ارتد من ارتد من قبائل العرب بعد موته، وناظرهم أصحابه وحاجوهم وحاربوهم فما أمكن أحد من أولئك الأعداء من المرتدين ولا المنافقين ولا اليهود ولا النصارى أن يقيموا حجة في/ هفوة أو زلة أو فيما يشبه ذلك كان منه صلّى الله عليه وسلم مع حاجتهم إلى ذلك وحرصهم عليه، فكانوا يدفعون بأس أصحابه عن أنفسهم بذلك ويوقعون الخلاف بينهم بذلك، لأن أصحابه إنما استحلوا دماء من خالفه ديانة لأنه نبيّ ولأنه صادق لا يخطىء ولا يزل ولا يكذب، ولو وقع منه شيء من ذلك لما حلت نصرته ولا تصديقه ولا اتباعه فلو كان فيمن زكاه وشهد على ضميره ونيته من ليس كذلك لما لبث أن يخبر بذلك ويرجع عن نبوته وتصديقه، وكان لا يسر بما أظهره من تزكيته لأنه يعلم أنما أظهر تلك التزكية والتصديق حيلة عليه وخديعة له وسخرية منه، فكيف والذين زكاهم وشهد على ضمائرهم جماعات كثيرة في أوقات متغايرة، وكذا من شهد بنفاقه، فاعرف هذا فإنه باب كبير من ورائه أبواب في دلائل نبوته صلّى الله عليه وسلم.

ثم عدت إلى ما كنت بدأت به، فمن هذا الجنس قوله تبارك وتعالى: