للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ» «١» .

فتبين رحمك الله ما في هذا، فقد تقدم لك شرح نظائره، ثم قال: «عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ. لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ. إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ» «٢» وهذا في قوم معروفين استأذنوه عليه السلام ثم قال فيهم: «وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ/ عُدَّةً وَلكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ. لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ» «٣» وهذا خلاف تدبير عقلاء البشر، فإنهم إذا خلفوا من خلفوا خوفا من ضرره وهربا من شره وقدموا من قدموا ليهلك فيستريحون من شره لا يفضحون بذلك ولا يظهرونه وإنما يظهرون خلافه، فيقولون لمن خلفوه إنما خلفتك لحاجتي لتكون من ورائي ولثقتي بك ولتعويلي عليك، وكذا يقولون فيمن يقدمونه، ثم قال: «لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كارِهُونَ» «٤» يريد ما كان من حرصهم على قتلك واستئصالك حتى طمعوا فيك، لوحدتك ثم لضعف من اتبعك حين آمنوا بك ولقلتهم حتى جاء ما وعد الله من النصر والظفر والظهور، ثم قال: «وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي


(١) التوبة ٤٢
(٢) التوبة ٤٣- ٤٤
(٣) التوبة ٤٦
(٤) التوبة ٤٨