للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان من أعداء رسول الله صلّى الله عليه وسلم ومن أشدهم عليه وهو من مسلمة الفتح، فاسمع قوله وتأمل أمره.

وكم يحدّث معاوية وآل أبي سفيان وآل مروان في ملكهم وفي سلطانهم بعد مضي أئمة الهدى أن الذي أخرهم وأخر أباهم عن الإسلام الأنفة أن يكونوا كمن قد قدمنا ذكره.

ومنهم من أخره الحسد والمنافسة، ومنهم من أخره منع إخوانه وساداته وهذا باب مفرد.

وقد علمت أن الملوك والجبابرة قد تكون لهم الهفوات والزلات فتقف عليها ثقاتهم ووزراؤهم وشركاؤهم في الملك ومن يخافهم على دمه في التحدث بعيوبهم فيحدثون به في حياتهم ويلقونه إلى ثقاتهم ولا يملكون أنفسهم لثقل الكتمان على الناس، فأما إذا مات الملك أو الرئيس فيحدثون به كل أحد مجاهرين، هكذا جرت العادة ودلت عليه العبرة، وهؤلاء تحدثوا بهذا في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وبعد وفاته، لتعلم وثاقة أمر النبوة وأن أمرها وأساسها وضع على مثل الجبال. وما كنا في هذا الباب وإنما كنا في بطلان قول الذين رموا الأنبياء بكتمان الحق وإظهار الباطل، فاتصل الكلام بما أشبهه فخرجنا إلى هذا.

/ ثم عدت إلى بيان بطلان قول هؤلاء فتأمل قوله: «عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى، أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى، وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وَهُوَ يَخْشى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى، كَلَّا» .

وقد كان بعض سادات العرب وأغنياؤهم قصد رسول الله صلّى الله عليه وسلم ببعض شأنه، فأقبل صلّى الله عليه وسلم على كلامه رجاء إسلامه وأتاه في تلك الحال ابن أم مكتوم