للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الإسلام أنهم قد علموا أنهم إذا أسلموا لم يتقدموا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم على هؤلاء الموالي والعبيد، بل لم يكن رسول الله صلّى الله عليه وسلم يسوي بينهم، وإنما كان الناس يتقدمون عنده على السابقة والهجرة والبصيرة. فلما فتحت مكة وأسلمت العرب ويئس عدو الإسلام من الطمع فيه تحدث أبو سفيان وأمثاله من بني عبد مناف، أن الذي أخرنا عن الإسلام أنا حسدنا بني عمنا من بني هاشم ولقد أوفى الحارث بن هشام على مرقب حين خرج من مكة [١] ، فلم يبق بها نافخ ضرمة إلا خرج مودعا له ومستوحشا لفراقه، فقال: ما بلد أحبّ إليّ من بلدكم ولا قوم أحب إلي منكم، ولكن حدث هذا الأمر فسبق اليه رجال ليسوا من أقدارنا، ولئن سبقنا عمار وبلال وصهيب إلى الإسلام فلن يسبقونا إلى الجنة، وأنا حبيس في سبيل الله ما حييت. فكان منه ومن عكرمة ابن أخيه وغيرهما من بني مخزوم وهم كانوا أعداء رسول الله صلّى الله عليه وسلم ومن مسلمة الفتح من الجهاد في سبيل الله وفي قتال المرتدين بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى ردوهم إلى دين الإسلام، ومن جهاد الفرس والروم، ومن الصبر على تلك الشدائد، ما هو مذكور في كتب العلماء.

وفي هذا المعنى ما كان آذن عمر بن الخطاب يخرج وببابه سادات/ العرب فيقول: أين بلال؟ أين عمار؟ أين صهيب؟ أين خبّاب؟ فينهضون مقدّمين مكرّمين، وبالباب سهيل بن عمرو، وحكيم بن حزام، وعيينة بن حصن، وأمثالهم من السادة. فنظر اليهم سهيل بن عمرو وقد تمعرت وجوههم من جلوسهم بالباب والإذن لأولئك قبلهم فقال لهم: ما لكم معشر العرب تتمعر وجوهكم، هؤلاء قوم دعوا ودعينا فأسرعوا وأبطأنا، ولئن حسدتموهم اليوم بباب عمر، لما أعدّ الله لهم في الجنة غدا أفضل، وهذا سهيل بن عمرو