للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واتبعت محمدا، فغضب وأقسم ألا يكلم محمدا أبدا، ولكني أتيته، وقص عليهم ما قاله له، قال: فقرأ عليّ: بسم الله الرحمن الرحيم «حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» حتى بلغ «أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ» فأمسكت على فيه وناشدته بالرحم وعلمت أن محمدا لا يكذب، وخفت أن يأتيكم:

العذاب.

وقال الزبير بن العوام وهو يذاكر الناس بحال رسول الله وحالهم بمكة قبل الهجرة: رأيت نفرا من المشركين حول الكعبة ورأسهم يومئذ أبو جهل، وأقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهم يتامرون بمناهضته، فقال لهم: قبحتم وقبح ما اجتمعتم له، قال: فخرسوا فما منهم إنسان يكلمه، ولقد رأيت أبا جهل وهو يعدو في إثر رسول الله صلّى الله عليه وسلم يعتذر اليه ويقول: يا محمد أمسك عنا ونمسك عنك، ورسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: لا أمسك عنك حتى تؤمن بالله أو أقتلك، فقال أبو جهل وأنت تقدر على قتلي، قال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: الله يقتلك ويقتل هؤلاء معك، فوّلى أبو جهل وأصحابه فما بقي من أولئك أحد إلا قتل. والصحابة يتذاكرون ذلك ويتعاودونه.

وقصة أخرى كانت لقريش مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم بمكة، وقد قدم رجل من أراش بإبل له/ إلى مكة، فابتاعها منه أبو جهل بن هشام فمطله بأثمانها، فأقبل الأراشيّ حتى وقف على نادي قريش، فقال: يا معشر قريش، إني غريب وابن سبيل، وقد غلبني أبو الحكم بن هشام على حقي، فرجل منكم يأخذ حقي منه؟ ورسول الله صلّى الله عليه وسلم جالس في ناحية المسجد. فقال أهل المجلس للأراشيّ «١» : ترى ذلك الرجل، يعنون رسول الله، إنه نديم أبي الحكم،


(١) أراشي نسبة الى قبيلة عربية