بني إسرائيل، وفي سورة يونس، وفي سورة الروم، وفي سورة الواقعة، إلى أن قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يا عجبا كل العجب للشاكّ في قدرة الله وهو يرى خلقه، ويا عجبا كل العجب للمكذب بالنشأة الآخرة وهو يرى النشأة الأولى، ويا عجبا كل العجب للمكذب بنشور الموت وهو يموت كل يوم وليلة ويحيا.
ويا عجبا كل العجب للمصدق بدار الخلود وهو يسعى لدار الغرور، ويا عجبا كل العجب للمختال الفخور وإنما خلق من نطفة وهو يعود جيفة وهو بين ذلك لا يدري ما يفعل به، إلى غير ذلك مما كان يذكره صلّى الله عليه وسلم ويذكره أصحابه رحمهم الله مما أصله في القرآن، ولم تكن العناية تشتد به استغناء بالقرآن ولأنه تنبيه على ما وضعه الله في العقول فهو متحل بمن نظر ثم فكر واعتبر.
وقد كان لعبد الله بن أبيّ بن سلول حين أظهر الإسلام مقام يقومه كل جمعة، إذا جلس رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليخطب الناس فيقوم عبد الله ويقول: أيها الناس، هذا رسول الله بين أظهركم كرمكم الله وأعزكم به فانصروه وعزّروه واسمعوا له وأطيعوا، ويجلس، حتى إذا صنع يوم أحد ما صنع، ورجع بالناس، قام يوم الجمعة يفعل ما كان يفعل، فأخذ الأنصار بثيابه من نواحيه وقالوا: اجلس أي عدو الله، لست لذلك بأهل وقد صنعت ما صنعت، فخرج يتخطى رقاب الناس ويقول: والله لكأنما قلت هجرا أن قمت أسدد أمره فوثب علي أصحابي يحذبونني ويعنفونني كأنني قلت/ هجرا، قالوا: ارجع يستغفر لك رسول الله، قال: والله ما أبتغي أن يستغفر لي، فاجتمع اليه قومه ممن على رأيه وفي نفاقه، واليهود يتوجعون له ويقعون في رسول الله صلّى الله عليه وسلم والمسلمين، ويدبرون الرأي ويعملون الحيل في شيء يصنعونه بالأنصار ليصدوهم عن اتباع رسول الله صلّى الله عليه وسلم فلا يجدون، وهذا من تلك المواطن وموضع الحاجة.
ولما أخذ أولئك المنافقون في التتبع على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، والتعرف لأخباره،