والتحفظ لما يكون منه مع المسلمين ومع غيرهم، وقد اختلطوا بالمسلمين وأظهروا الإسلام، فينقلون الأخبار إلى إخوانهم وأمثالهم من المنافقين واليهود، ويحلون معهم. وكان هؤلاء المنافقون أكثر من ستين رجلا، فلما كثر منهم ذلك تقدم رسول الله صلّى الله عليه وسلم بإخراجهم من المسجد، فقام الأنصار فأخرجوهم وسحبوهم واحدا واحدا، وأذلوهم، وقالوا لهم: يا أعداء الله، قد اختلطتم بنا وصليتم معنا، وأصغيتم إلى حديثنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فلا أنتم وجدتم ما تحبون وتتمنون، ثم لا تنتهون ولا تخلصون. وهذا من تلك المواطن التي قد تقدم نظائرها وأنها لا تكون من تدبير البشر، فانظر إلى هذه المكاشفة، فلو وجدوا عثرة أو زلة أو ما يشبه ذلك لذكروه واحتجوا به، فهذا موضع الحاجة إلى ذكره، وهؤلاء المنافقون الذين سحبوا وأخرجوا من المسجد أسماؤهم معروفة وكذلك أنسابهم واحدا واحدا.
وفي هذا تكذيب لمن زعم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يداهن أصحابه واتباعه ويظهر تزكيتهم ومدحهم وتعظيمهم/ وإجلالهم ولا ينطوي على ذلك ولا ينويه ولا يضمره، وهذا يقوله من زعم أنه من المسلمين، وإنما وضع هذا من أراد الطعن في الإسلام وتحيير المسلمين وتشكيكهم وإخراجهم من الإسلام من حيث لا يشعرون.
ثم انظر إلى اليهود: منهم من بني قينقاع، مثل زيد بن الصليت، وسعد ابن حنيف، وسويد بن الحارث، ورفاعة بن قيس، وعزيز بن أبي عزيز، وغيرهم من رؤساء بني قينقاع إلى بني النضير ورؤسائهم، كحييّ بن أخطب، وأخيه أبي ياسر، وجدي بن أخطب، وسلام بن مشكم، وكنانة بن أبي الحقيق، وسلّام بن أبي الحقيق، وأمثالهم من رؤساء بني النضير. وإلى بني