أما المعجزات المعنوية والعقلية فأهمها: القرآن الكريم الذي نزل على محمد عليه الصلاة والسلام. ونستطيع ان نلاحظ بهذه المناسبة ان هذه المعجزة ترتبط ارتباطا وثيقا بالرسالة. والمعجزات إما ذاتية تتعلق بنقل ماهية الرسالة او انها خارجة عن جوهرها، ومعجزة القرآن من النوع الاول لأنها عقلية تخاطب الفكر البشري وتعتمد على الاقناع العقلي اكثر مما تعتمد على القناعة الحسية التي هي اساس المعجزات المادية. ولا شك ان البشرية- حتى بعثة الرسول- كانت قطعت شوطا كبيرا من الرقي العقلي، فأمكن ان تخاطب عقولهم مباشرة، وخطاب العقل أكثر شمولا ودواما واستقرارا، لذلك كان القرآن الكريم معجزة الرسول حتى أبد الدهر.
اختلف العلماء والباحثون في حقيقة الاعجاز في القرآن، ويمكن ان نحدد آراء هؤلاء العلماء في ثلاثة اتجاهات رئيسية:
١- اتجاه يرى ان المعجز في القرآن هو صياغته اللفظية الخارقة للعادة وبلاغته الواضحة التي اعجزت العرب ان يأتوا بمثله.
٢- واتجاه يرى الاعجاز فيما ورد في القرآن من الإعلام عن الغيوب وعن حوادث الامم السابقة وتاريخها وعقائدها، فقد أشار القرآن الى حوادث ستقع في المستقبل ثم وقعت كما حدّث، مثال ذلك قوله تعالى:«ألم، غلبت الروم في أدنى الارض وهم من بعد غلبهم سيغلبون، في بضع سنين» .
فقد حصل ان الفرس غلبت الروم، فأخبر القرآن عن هذه الواقعة، وأنبأ ان الروم سينتصفون من خصومهم في بضع سنين، وتم ذلك فعلا؛ وبما ان الانسان لا يقدر على علم الغيب فان القرآن منزل من قبل الله وفيه من الاعجاز ما فيه. ثم إن القرآن تحدث عن تاريخ الأمم السابقة وأديانها