وقوم من الكتاب وعمال السلطان يعرفون ببني ابي البغل «١» ، يدعون انهم من المسلمين ومن الشيعة وهم يميلون ميل القرامطة، ويلزمون صنعة النجوم، وبقاياهم بالبصرة في سكة قريش، ومنهم ابو محمد بن ابي البغل، وهذا خلقه وصنعته، وهو حيّ الى هذه الغاية وهي سنة خمس وثمانين وثلثمائة، يقولون في «قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ» : هي من البوارد ومن الأشياء التي لا معنى لها، ويتحدثون بذلك في دواوينهم ومحافلهم، ويضربون في ذلك الأمثال؛ وهذا لجهلهم بالأسباب، ولو كان لهم تحصيل وتدبير وقصدوا الانصاف وطلبوا العلم من موارده لعلموا ان هذا من معجزاته، ولكن العجب قد شغلهم، وهم يعدون انفسهم من الخاصة وهم أسقط من سقاط الغوغاء، ولولا ان هذا شيء قد شاع في الكتاب وأشباههم في جميع البلاد لما ذكرته لك، ولكنه شيء قد دار وصار اهل الذمة مع القرامطة يلقون/ به العامة والضعفاء من المسلمين، وليس للاسلام قيّم ولا ناصر بل كل السيوف عليه، فالله المستعان.
وأخرى تبين لك جهل هؤلاء ونقضهم ونقض كل طاعن في القرآن، ان الذي جاء بهذا القرآن ادّعى انه كلام الله وقوله، وان الجن والإنس لا يأتون بمثله ولا بمثل سورة منه ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا، وانه حجة الله على خلقه الى يوم القيامة؛ وقد سمعه الناس كلهم منه، وقد
(١) ورد في الفهرست تحت عنوان ابن ابي البغل: اسمه محمد بن يحيى بن ابي البغل ويكنى ابا الحسين، استدعى من اصفهان، وكان يلي الوزارة في ايام المقتدر، وكان بليغا مترسلا فصيحا من اهل المروآت، وكان شاعرا ايضا مجودا مطبوعا، فله ديوان رسائل كتاب رسائله في فتح البصرة. الفهرست ١٩٧.