طالبهم ان يأتوا بمثل سورة منه فلم يأتوا مع شدة الحاجة الى ذلك، وقد بذلوا ما هو أعزّ وأعظم في دفعه وإبطال أمره من الأموال والأنفس والأولاد. واذا كان هذا شأنه من السخف والركاكة، وفيه الكذب والتناقض على ما يدّعي هؤلاء، أعداء الاسلام، فكيف يحتج عاقل بما هذا سبيله؟ وكيف لم يقل أعداؤه له: تتحدّانا بشيء ركيك بارد غثّ متناقض؟ وكيف لم يقل أعداؤه له ذلك؟ وكيف يتبع ويطاع من هذا سبيله؟ وكيف لم يقل أعداؤه لأتباعه: يا ويحكم فارقتم دينكم، وأنفقتم أموالكم، وسفكتم دماءكم، وعاديتم الأمم، واتبعتم رجلا حجته هذا القرآن وفيها الكذب والتناقض؟ ومثل هذا لا يطاع ولا يتبع، بل يكون في سقوط المنزلة بمحل من يركب قصبة ويركض في الاسواق ويقول: انا الملك، وانا الأمير، ويشتم الملوك والأمم والرؤساء، ويتعادى خلفه الصبيان؛ ومثل هذا لا يعاديه أحد ولا يضربه ولا يسبه فضلا ان يقتله/، لأنه لا يضرّ احدا ولا يغضب عاقل من فعله وقوله وإن شتمه وتواعده. فلم غضب أولئك العقلاء من قريش والعقلاء من العرب والدهاة من اليهود والنصارى وطبقات الأمم والملوك منه ومن أفعاله، وبذلوا أموالهم وأولادهم ودماءهم في عداوته وفي الصدّ عنه والمنع من اتّباعه، ورحلوا الى الملوك يشكونه ويضجّون منه، ويبعثونهم على قتله، ويخوفونهم سطواته وغلبته على ممالكهم؟ فقد رحلت قريش الى النجاشي ملك الحبشة في هذا، ورحلت نصارى العرب الى قيصر ملك الروم في هذا، وقد صار النضر بن الحارث بن كلدة الى الفرس في هذا، وكان من كسرى أبرويز في هذا ما هو مذكور ولعله ان يرد عليك، وهذا مع «١» انه جواب لكل عدو لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، فهو كاف.