للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتقدم أبو بكر فسلم، قال علي: وكان أبو بكر مقدّما في كل خير، وكان رجلا نسّابة، فقال: ممن القوم؟ فقالوا: من ربيعة، قال: ومن أي ربيعة؟

ثم ذكر عليّ رضي الله عنه ما كان بينهم وبين أبي بكر قال: ثم دفعنا إلى مجلس آخر عليهم السكينة والوقار، فتقدم أبو بكر فسلم وقال: ممن القوم؟

قالوا: من شيبان بن ثعلبة، فالتفت أبو بكر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: بأبي أنت وأمي، هؤلاء غرر قومهم، وفيهم مفروق بن عمرو وقد غلبهم خصالا ولسانا، وكانت له عذبتان تسقطان على تربيته «١» ، وكان أدنى القوم مجلسا من أبي بكر، فقال له أبو بكر: كيف/ العدد فيكم؟ فقال مفروق: إنا لنزيد على ألف ولن تغلب ألف عن قلة، فقال أبو بكر: فكيف المنعة فيكم؟ فقال مفروق علينا الجهل ولكل قوم جلّ؟ قال أبو بكر: فكيف الحرب بينكم وبين عدوكم؟ فقال مفروق: إنا لأشد ما نكون غضبا حين «٢» نلقى، وإنا لأشد ما يكون لقاء حين نغضب، وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد، والسلام على اللقاح، والنصر من عند الله: يديل علينا مرة، ويديل لنا مرة. لعلك أخو قريش؟ فقال أبو بكر: وقد بلغكم أنه رسول الله، وهاهو ذا. فقال مفروق:

قد بلغنا أنه يذكر ذلك فإلى ما يدعو يا أخا قريش؟ فتقدم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقام أبو بكر يظلّه بثوب. فقال عليه السلام: أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأني رسول الله، وأن تؤوني وتنصروني. فإن قريشا قد ظاهرت على أمر الله وكذبت رسوله واستغنت بالباطل عن الحق، والله هو الغني الحميد، قال مفروق: وإلى ما تدعو أيضا يا أخا قريش؟ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً،


(١) لعل هنا سقطا تقديره: موضع، فتكون العبارة: موضع تربيته.
(٢) في الأصل: لحين