عليهم من قريش فقد كانت عظيمة، فلما بلغ قريشا أمرهم قلقوا لذلك وقاموا وقعدوا، ثم ائتمروا أن يبعثوا إلى النجاشي فيهم رجلين منهم، وأن يهدوا إلى النجاشي هدايا مما يستظرف من متاع مكة، وكان من أعجب ما يأتيه منها الأدم فجمعوا له أدما كثيرا ثم لم يتركوا من بطارقته بطريقا إلا أهدوا له هدية، ثم بعثوا بذلك مع عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي، وعمرو ابن العاص بن وائل السهمي، وقالوا لهما: إدفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن أن تكلموا النجاشي، ثم قدّموا للنجاشي هداياه ثم سلوه بأن يسلمهم اليكم قبل أن يكلمهم. فخرجا فقدما على النجاشي فلم يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا اليه هديته قبل أن يكلما الملك ثم قالا لكل بطريق منهم أنه قد ضوى إلى بلد الملك منا/ غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم، وجاؤا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم، وقد بعثنا فيهم إلى الملك أشراف قومهم ليردّهم اليهم، فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه أن يسلمهم الينا ولا يكلمهم فإن قومهم أعلا بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم، فقالوا لهما: نعم. ثم إنهما قرّبا هداياهما إلى الملك فقبلها منهما، ثم كلماه فقالا: أيها الملك، إنه قد ضوى إلى بلدك منا غلمان سفهاء فارقوا ديننا ولم يدخلوا في دينك «١» ، وجاؤا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا اليك أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم اليهم، فهم أعلم بما عابوا عليهم وما عابوهم فيه. ولم يكن شيء أبغض إلى عبد الله وعمرو وسائر قريش من أن يسمع النجاشي كلام المسلمين، فقال بطارقته وهم حوله صدقاء: أيها الملك، قومهم أعلا بهم عينا فسلمهم إليهما ليرداهم إلى بلادهم وقومهم. فقال النجاشي: